بريطانيا …. أبعدت من الباب فعادت من الشباك
عَكَسَتْ الاندفاعةُ الدبلوماسيةُ المتعددةُ الطرف تجاه إسرائيل والتي تَضَمَّنَتْ تحذيراتٍ من الانتهاكات المتمادية لوقف النار في لبنان، حَجْمَ الإحراج الذي وجدتْ بيروت نفسها فيه مع تَبَلْوُرِ «نسخة المنتصر» في تطبيق تل أبيب جوانب من الاتفاق الذي يُخشى أن يصبح في «وضْع حَرِج»، رغم الاقتناع بأنه محكوم بأن «يهتزّ من دون أن يقع».
وفي اليوم السادس على هدنة الستين يوماً التي يُفترض أن تشهد تنفيذَ طلائع تَفاهماتٍ عميقة مُمَرْحَلة تتمحور حول تفكيكِ أي وجود عسكري لـحزب الله جنوب الليطاني وقطْع «أوكسيجين» معاودة تسليحه ومعالجة مجمل بنيته العسكرية في كل لبنان – ما دامت إسرائيل قادرة على وسْمها بـالتهديد الوشيك أو «الأبعد مدى والذي يمكن أن يتحوّل داهماً» – لم يَعْلُ صوتٌ فوق صوت «طبولِ الدبلوماسية» التي قُرعت عبر «الهاتف الساخن» مع تل أبيب وحذّرتْ من تداعياتِ استمرار «قرقعة» الانتهاكاتِ لاتفاقِ وقف النار والتي بَرز للمرة الأولى محاولة «حزب الله» أن يرسي بإزائها معادلة «الخرق بالخرق» وإن على نحو متأخر باستهدافه للمرة الأولى منذ سريان الاتفاق مزارع شبعا المحتلة.
وجاء الدخول الأميركي والفرنسي المعلَن والمباشر، والبريطاني الخفي، على خطّ حضّ إسرائيل على وَقْفِ سلوكها الخارِقِ لـ«جدران الحماية» لوقف النار والذي يتمدّد جغرافياً وبلغ بيروت بـ«مسيّراتِ المراقبة» والطيران الحربي، على وقْع اقتناعٍ بأنّ تل أبيب تسعى إلى استباقِ مباشرة لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق والإجراءات التطبيقية للقرار 1701 عملها عبر محاولة إكمال العمليات «الحربية» من جانبٍ واحدٍ في بلدات الحافة الحدودية التي احتلّتْها خلال المواجهات.
فتصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي ساعر على «مضبطة الاتهام» الفرنسية كما مواقف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إشاراتٍ في أكثر من اتجاه عَكَسَتْ إصرار تل أبيب على أن لها «اليد العليا» في الاتفاق وإخضاعه لـ«رقابة لصيقة»:
– سواء على تنفيذه في بُعده الإجرائي الذي يَضطلع فيه الجيش اللبناني بدورٍ محوري، هو الذي يتعيّن عليه أن ينتشر على مراحل في جنوب الليطاني ويَضمن انسحاب حزب الله من كامل هذه المنطقة، من تحت الأرض وفوقها، لينطلقَ مسارُ الانسحاب المتوازي الإسرائيلي.
– أو لناحيةِ حقّها في «التصرف الاستباقي» ضدّ كل ما تصنّفه تهديداً، أكان في شكل دخولِ سلاحٍ عبر المَعابر أو نقْله في الداخل، أو تحرّكِ مسلّحين في مواقع ونقاط شمال الليطاني، مستفيدةً من «ضوء أخضر سري» نالته من الولايات المتحدة ويمنحها حرية الحركة في لبنان، ومُحاوِلَةً في هذه النقطة تكريسَ أمر واقع يتيح لها الالتفافَ على عمل لجنة الإشراف على الاتفاق.
فهل يقع اتفاق وقف النار …. أم هو مجرد إهتزاز؟