
قبل الولادة الحكومية، أغرق المعنيون البلاد بكلام من عيار الكفاءة والاختصاص، لتأتي التوليفة السلامية حزبية مقنعة بداية، ومعلنة لاحقا، ولاسيما بالنسبة الى وزراء ثنائي حزب الله وحركة امل من جهة، وحزب القوات اللبنانية من جهة أخرى، اللذين للمصادفة، يكاد لا يمضي يوم من عمر الحكومة إلا ويتساجلان فيه.
فلو أجرى اللبنانيون مقارنة بسيطة بين ما كتب وقيل قبل تشكيل الحكومة، وما يكتب ويقال اليوم حول التعيينات، لاستنتجوا بلا كثير عناء ان النتيجة حتما واحدة: وعود بلا إيفاء، ونظريات بلا تطبيق.
من يقرأ الآلية التي أقرها مجلس الوزراء للتعيينات، لا يسعه سوى القول: ” العبرة في التنفيذ” ، فليست المرة الأولى التي تعد فيها السلطة التنفيذية بتعيينات شفافة بمعايير علمية، لكن النتيجة تأتي بشكل معاكس، بدليل فشل هذا “الجيش الجرار” من الموظفين، بدءا بالمدراء العامين وصولا إلى آخر موظف، وسبب الفشل يعرفه الجميع:” هذا يخص فلان ، وهذا عينه فلان” ، فهل ستتغيير العادة هذه المرة؟
اللبناني يريد ان يلمس لمس اليد، ولسان حاله يقول: ” لننتظر” علما أن الآلية التي وضعت لا تنتج تعيينات قبل أشهر بسبب كثرة اللجان وتحويل الملفات من لجنة إلى لجنة، ومع ذلك “تفاءلوا بالخير تجدوه”.
وبعيدا من النقاش في الآلية، وعناوين أخرى من نوع مصير امتحانات البروفية، الاخطار الوجودية تحاصر لبنان، من حدوده الشرقية، حيث يجثم مسلحون فوق صدور الناس، الى تلك الجنوبية التي تستخدمها دول كبرى لمحاولة الضغط على الوطن الصغير كي يسير في ركب التطبيع.