في حساب الكم سجلت طهران انتصارًا كبيرًا، أولًا، إثباتها أن إسرائيل لوحدها غير قادرة على الدفاع عن نفسها رغم منظوماتها المضادة للصواريخ المتنوعة، من جهة، وثانيًا، الكلفة العالية لصد الصواريخ والمسيرات.
أما على الضفة الأخرى، فإن تل أبيب سجلت بدورها، في حساب النوع، نجاحًا في القدرة، بالتأكيد، على اللعب داخل إيران، كما قدرتها على تنفيذ تهديداتها بضرب منشآت البرنامج النووي الإيراني، بما فيها المغطاة بمنظومات دفاع جوي متطورة.
هي الخلاصة الميدانية الأكيدة، حتى الساعة، من نتائج الجولة الأولى من المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية، ضمن الضوابط الأميركية، الناظمة لعقارب الإنهيار الشامل في المنطقة.
فوفقًا للمراقبين العسكريين، نجح سلاح الجوّ الإسرائيلي في كسر “الأسطورة الإعلامية” لقدرات إيران في مواجهة أي ضربة جوّية إذ نجحت طائرات الـ “F-15” المزودة بصواريخ أميركية مطورة إسرائيليًا، قادرة على التخفي من ضرب “الدماغ الروسي” لمنظومة الدفاع الجوي، ومنها الـ “S-300″، المسؤولة عن تأمين المنشآت النووية في مقاطعة أصفهان، التي باتت مكشوفة حتى إشعار آخر. فكيف تم ذلك؟
يكشف أحد الملحقين العسكريين في بيروت، مِن مَن تابعت بلاده تفاصيل العملية، أن إسرائيل أثبتت قدرتها على تنفيذ عملية أحادية ضدّ المواقع النووية الإيرانية مستخدمةً خططًا مركبة قائمة على التنسيق والتعاون بين مجموعة من فروع “تساحال”، والعمل على مسافة بعيدة تتخطّى 1700 كلم.
وفي تفاصيل العملية، وفقًا للمصدر، اعتمدت إسرائيل بشكل أساسي في تنفيذ عمليتها على طائرات الـ “F-15” التي استلمتها حديثًا من الولايات المتحدة الأميركية، والتي حملت كل منها 4 صواريخ تعمل بمبدأ “أضرب وانسى”، والتي انطلقت من إحدى القواعد الجويّة في جنوب إسرائيل عابرةً الأجواء السورية باتجاه شمال العراق، تزامنًا مع إطلاق خلية للموساد، بالتعاون مع مجموعة كردية، أربع مسيّرات من نوع “Quad – Copter”، انطلقت من أحد المناطق الحرجية على بعد 20 كلم من قاعدة الدفاع الجوّي، التي وقعت في الفخ المنصوب لها مفعلةً راداراتها وصواريخها، ما سمح لطائرة الحرب الإلكترونية الإسرائيلية المتواجدة فوق البحر الأحمر من التقاط الموجات الرادارية والتشويش عليها، ما سمح بفتح ثغرة في المنظومة الدفاعية تسللت عبرها الصواريخ مدمرةً الرادار المركزي الذي يتحكم بمنظومة الدفاع الجوّي، كذلك تدمير قواعد إطلاق صواريخ الـ “S-300″، قبل أن تعود الطائرات إلى قواعدها.
وفي تحليل العملية، أشارَ المصدر، إلى أن تل أبيب، أثبتت أنها تشكل خطرًا “وجوديًا” على المشروع الإيراني، باستهدافها مقاطعة أصفهان بما تشكله من رمزية، جغرافيًا كونها في وسط البلاد، واستراتيجيًا، حيث تتمركز فيها محطة “نطنز” النووية، التي تحتوي على أجهزة الطرد الأكثر تطورًا، إضافةً إلى أهم مصنع للحديد والصلب التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يستخدم في صناعة المسيّرات والصواريخ الباليستية، والذي بدوره أصيب بأحد الصواريخ.
الخلاصة بين تل أبيب وطهران
عليه يختم المصدر بالجزم أن “نظام الملالي” سيدرس جيّدًا من الآن فصاعدًا أي خطوة قد يلجأ إليها في مواجهة إسرائيل، مبديًا الإعتقاد بأن الحرس الثوري سيركز على بناء قدرات مجموعات تابعة له في “دول الطوق“، باعتبارها الوسيلة الأنجع في مواجهة تل أبيب كنتيجة مستقاة من جولة المواجهة المباشرة الأولى بين الطرفين، دفاعًا وهجومًا.