٧ ايار جديد…. مسيحي- شيعي هذه المرة

ميشال نصر

انتهت جولة امين سر دولة الفاتيكان في بيروت، تاركة خلفها الكثير من التساؤلات الكبرى والاصطفافات وخيبات الامل. ففي شكلها الظاهر رأى فيها الكثيرون فشلا، من مقاطعة القيادات المسيحية، الى “كسر الجرة” مع الشيعة،مرورا بسقوط رهان “اجباره” البطريرك على التنحي، اذ جددت الزيارة “الثقة” ببكركي وسيدها.

غير ان العالمين بخفايا الزيارة وكواليسها، يجزمون انها شكلت محطة مفصلية في تاريخ مسيحيي لبنان، قد ترسم مستقبلهم لسنوات قادمة، غامزة من باب اهمية عظة البطريرك بشارة الراعي، عشية وصول رجل الفاتيكان الثاني الى لبنان، ولهجتها العالية، التي تتقاطع مع ما ورد في وثيقة بكركي غير المعلنة، ومواقف الكرسي الرسولي المؤيدة.

واضح  ان “الزيارة الفاتيكانية” انتهت الى تثبيت واقع ان الانقسام الطائفي، عاد الى البلد، بوجهه الشيعي-المسيحي، على خلفية الملف الرئاسي،حيث وجهتا نظر تتقاسمان المشهد اللبناني، محورهما اولوية الانتخابات الرئاسية، وبالتالي الشراكة والدور المسيحيين.

تقوم وجهة نظر المحور الاول، التي تشكل رأس سهمها، حاضرة الفاتيكان في الخارج، واستتباعا الصرح البطريركي، تتمثل بأولية ملء الشغور في بعبدا، على أي شيئ آخر، انطلاقا من الرغبة في ان يكون رئيس الجمهورية، عراب اي تسوية قادمة، لا ان يكون نتيجة لها ومديرا لازماتها، كما درجت العادة مع قيام الجمهورية الثانية، مع ما يعنيه ذلك من عودة الدور المسيحي.

مع الاشارة، الى ان الولايات المتحدة الاميركية تشاطر عاصمة الكثلكة، تلك الريبة، اذ وفقا لمصادر مواكبة لزيارات الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى بيروت، فان الاخير طرح في احدى جولاته، على بيك المختارة هاجس المسيحيين هذا، متمنيا فرط ثلاثية الثنائي-السراي-المختارة، المتحكمة بقرارات حكومة تصريف الاعمال.

من هنا جاءت الرسالة القوية التي اعلنها امين سر الفاتيكان من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وتحميله الاخيرة، ومن خلفها، مسؤولية الشغور في المركز المسيحي الاول، مع ما يعنيه ذلك، من تبن لوجهة نظر الكنيسة برفض اي حوار، او ارساء اي اعراف قد تفتح الباب امام اشكاليات مستقبلية، وهو امر لا يستقيم الا باجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها.

على المقلب الاخر، يقف الثنائي الشيعي ومن خلفه، حيث كرست حرب طوفان الاقصى، معادلة ربط الساحات في الاقليم، والاهم ان الاجندة الاقليمية تتقدم على الاجندة المحلية، اذ يرى هذا الفريق ان لا شيئ يفرض الاستعجال وانتخاب رئيس اليوم، طالما يستحيل على المحور ايصال مرشحه، والمطروح “الخيار الثالث”، من هنا الاصرار على الانتخاب بعد انجاز التسوية، حيث لا يعود للاسم اهميته.

هذه القراءة وفقا للمصادر، قد تؤدي في حال عدم حصول حرب على الحدود الجنوبية، الى صراع داخلي كبير، قد يتدحرج الى ان صل لوضع شبيه بعشية تموز ٢٠٠٦ وما تبعه وصولا الى السابع من ايار، انما بالمكون المسيحي هذه المرة بدل السني، وعند هذه النقطة يصبح كلام النائب كميل شمعون يحمل الكثير من الدلالات والمعاني.

عليه، فان ما بين الكنيسة، بشقيها، وحارة حريك، فالق كبير يفصل، بات من الصعب ردمه، بعدما وصل الافتراق الى حدود الخيارات الاستراتيجية بالنسبة لحزب الله، والوجود المسيحي الحر بالنسبة للقيادة الروحية المسيحية، وهو ما دفع بامين سر الفاتيكان الى عقد خلوة دامت لساعتين، مع احد ابرز القادة المسيحيين، منظرا لصالح خيار وحدة الصف الداخلي، وضرورة اللقاء تحت عباءة بكركي.

Exit mobile version