بات من باب التكرار القول إن التشكيلة الحكومية لم تغادر المربع الاول. وبات من باب التكرار القول إن الحكومة تولد بمرسوم علني لا بتسريب. وبات من باب التكرار القول إن ازدواجية المعايير في التشكيل، سببت إحراج الرئيس المكلف نواف سلام: حزبي وغير حزبي تحت سقف واحد. احزاب تسمي وتختار الحقائب، وأحزاب لا تعطى هذا الترف، والنوعان تحت سقف واحد.
فكيف يكون بذلك التمثيل العادل؟ هل يكون بمجرد اختيار أشخاص مسيحيين ومسلمين وتعيينهم وزراء؟
أما يكون بالوقوف على رأي الممثلين الفعليين للمسيحيين والمسلمين في اختيار الوزراء، إلى جانب رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف، اللذين يوقعان مرسوم التشكيل؟
وماذا عن حالة الوقوف عند رأي بعض المسيحيين من دون سائر اللبنانيين، أو بعض المسلمين من دون سائر المواطنين؟ هل لها من تفسير، خارج إطار الشعارات غير الواقعية والكلام المعسول؟
هذه الاسئلة بالتحديد تختصر واقع عملية تشكيل حكومة العهد الأولى، في موازاة موجة تفاؤل جديدة بقرب الولادة، التي تقابلها موجات تشاؤم عابرة للقوى والأحزاب والشخصيات، بعدم مراعاة مبدأ وحدة المعايير.
كل ذلك، ولم نتحدث بعد بالمشروع السياسي المفترض ان يرد في البيان الوزاري، المفترض بدوره أن يفصل الخطوط العريضة التي تناولها خطاب القسم الرئاسي.
فأين ما يجري اليوم من كل ذلك؟ رب قائل: تفاءلوا بالخير تجدوه. لكن في المقابل، ثمة من يصر: المكتوب يقرأ من عنوانه… فهل يخطئ المتشائمون هذه المرة بالعنوان؟
الهامش يضيق أمام الرئيس المكلف، فإما إعادة خلط أوراق التشكيل، وإما تشكيلة يضعها هو ويحملها الى رئيس الجمهورية ، ويتشاوران، ويصدر مرسوم التشكيل، فتكون تشكيلة أمر واقع على الجميع ، لا “أمرا واقعا” في مكان و”واقع الأمر” في مكان آخر.
ما دون ذلك سيبقى الدوران في الحلقة المفرغة هو السائد. تحدث هذه المراوحة في لبنان ، فيما العالم تدور فيه أحداث وتطورات نوعية تنعكس بشكل أو بآخر على لبنان.