ميشال نصر
رغم مرور اكثر من اسبوع على التطورات الدراماتيكية التي شهدتها، وما حملته معها من تغييرات، تبقى سوريا قبلة الاهتمام الدولي، وسط الانفتاح الغربي السريع على “النظام المؤقت”، مقابل خشية وريبة روسية – ايرانية، مما تحمله الايام من نكسات قد تصيب مصالحهما في هذا البلد، لا تزال قوة الدفع المحلية الخاصة بالاستحقاق الرئاسي اللبناني على زخمها المتوقع ان يزداد، قبيل دخول البلاد مدار عيدي الميلاد وراس السنة، بين حركة ظاهرة للعلن، واخرى خلف الكواليس، خصوصا خارجيا، املا في معرفة حقيقة الموقف الاميركي الجدي، وسط تضارب المعلومات عن حقيقته.
ملف الرئاسة
وفيما تردد عن وصول وفد مصري الى بيروت، لمتابعة الاتصالات الرئاسية بعيدا من الكواليس، اشارت اوساط دبلوماسية الى ان “الجد الرئاسي” دوليا لم يبدأ بعد،رغم كل الحركة القائمة، اذ ما زالت الامور عالقة عند حسم النقاش داخل واشنطن بين الادارتين الحالية والقادمة، في وقت وسع فيه الجمهوريون من مروحة اتصالاتهم اللبنانية لتشمل مختلف القوى المدنية الفاعلة لاشراكها في عملية اختيار رئيس الجمهورية، حيث شهدت الفترة الاخيرة سلسلة من الاجتماعات عبر تطبيق”زوم”، حيث ناقشت ملف الرئاسة والتحفظات حول بعض الاسماء، مع شخصيات معارضة وقادة من مجموعات “ثوار 17 تشرين”.
وتتابع الاوساط ، ان الاحداث الاقليمية التي جرت والتطورات الدراماتيكية التي رافقتها، ادت الى عملية خلط اوراق، اخرجت الكثير من الفاعلين من الملف الرئاسي عمليا، فقطر التي لعبت دورا اساسيا في الفترات السابقة في تذكية اسماء على حساب اخرى، خرجت من “البازار” الرئاسي، لصالح دخول سعودي، اعطى اشارة انطلاقته التغييرية، “سحب” الملف اللبناني من المستشار نزار العلولا، واعادته الى وزارة الخارجية، في توقيت دقيق، عشية وصول موفد الرئيس دونالد ترامب الى الرياض لمناقشة ملفي سوريا ولبنان والتطبيع.
وتضيف الاوساط، ان الموقف الفرنسي المتبدل، بعدما قلبت زيارة الرئيس دونالد ترامب الى واشنطن تموضع “الام الحنون”، مع نراجع باريس اكثر من خطوة الى الوراء، سواء لجهة تنازلها عن اسماء سبق ان طرحتها، او لجهة مقاربتها للملف وانحيازها لصالح فريق الممانعة، وعودتها الى المربع الاول، ابلغت كل من راجعها، بان ثمة معاييريجب ان تتوافر في المرشحين، باتت اكثر الحاحا بعد التطورات الاخيرة، وهي وردت بوضوح في بياني اللجنة الخماسية، الاول الصادر بعيد اجتماعها في الدوحة، والثاني، بعيد لقاء اعضائها في السفارة الاميركية في عوكر.
الى الربيع المقبل
من جهتها تقاطعت مصادر سياسية لبنانية، مع ما اوردته الاوساط الدبلوماسية، معتبرة ان زوار العاصمة الاميركية يخرجون بانطباع ان الملف الرئاسي مؤجل حاليا، مع تقدم ملفات اخرى الى الساحة، وبالتالي رحل الملف الى الربيع المقبل، مشيرة الى ان الحركة الداخلية لا زالت تراوح مكانها حتى الساعة، ذلك ان تامين رئيس ب86 صوتا مهمة شبه مستحيلة بعد انقلاب التوازنات، وهو ما ستقتنع به القوى السياسية في لحظة معينة، مع وصول كلمة السر الخارجية، ذلك ان اي من “محوري” المعركة، لم يباشر حتى الساعة الاتصالات بين افرقائه لتحديد مرشحه، كما ان الاتصالات بين المحورين، لم تدخل كذلك في مناقشة الاسماء.
وعليه ترى المصادر ان ظروف جلسة التاسع من كانون الثاني لم تنضج ظروفها بعد، ليخرج الدخان الابيض منها، رغم كل الايجابية التي يتقصد رئيس مجلس النواب نبيه بري تسويقها، وهي مجافية للواقع الفعلي، غامزة من قناة معراب، التي يخرج زوارها بانطباع ان زيارة الحكيم الى عين التينة لا زالت دونها عقبات كثيرة، في ظل اصراره على عدم “سلق موضوع الرئيس”، الذي تحتاج طبخة انضاجه الى مزيد من الوقت، رغم كل ما يقال عن ان الاسبوع الحالي مصيري.
خلاف حول ترتيبات الجلسة
وتتابع المصادر ان هناك أسئلة كثيرة تتعلق بجلسة الانتخابات، التي لا يزال مسارها غير واضح حتى الان، حيث لا يوجد التزام واضح من رئيس مجلس النواب، أولًا، بافتتاح الجلسة، وثانيًا، بافتتاح الدورة الأولى ثم الدورات المتلاحقة من دون “محاولة تهريب النصاب”، وفقًا للسياق الذي اعتمد سابقا، من هنا فان جزءا اساسيا من المشاورات الجارية اليوم، تتركز حول آلية التعامل مع جلسة التاسع من كانون، حيث يصر رئيس مجلس النواب على اقفال محضرها بعد سلسلة من جولات الانتخاب، وتعيين موعد جديد سيكون حتما بعد تسلم الرئيس دونالد ترامب مهامه الرئاسية، مقابل اصرار المعارضة، على ابقاء المحضر مفتوحا والجلسات كذلك وبالتالي الانطلاق في الجلسة التالية من النقطة التي تم التوقف عندها.
خارطة نيابية جديدة
المصادر التي جزمت بان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ابلغ المعنيين انه لن يسير في اي سيناريو من سيناريوهات ال65 صوتا تحت عنوان عزل اي طرف، اكدت ان التفاوض ما زال مستمرا مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي سيعلن بنفسه، من حيث المبدأ، موقفه الليلة، حول الرئاسة والتغييرات الإقليمية التي حصلت، حيث يقول المعنيون ان كل الأمور واردة لجهة إعلان انسحابه من السباق الرئاسي أو عدمه، وربما “تعليق ترشيحه”، مفضلة انتظار الساعات القادمة ليبنى على الشيئ مقتضاه، اذ ثمة من يدعوه الى التريث، في ظل رغبة الثنائي بالوقوف على “خاطره” في مسالة تسمية مرشحه، واصرار البيك على الانسحاب لصالح تجيير اصوات كتلته لصالح قائد الجيش، ذلك ان اعلان الانسحاب هذا سيؤدي، وفقا للمطلعين الى اعادة خلط الاوراق النيابية، اذ من الواضح ان اي مرشح جديد للثنائي لن يحصل على نفس عدد اصوات ال 51، التي ستكون حتما اقل.
وعليه رات المصادر ان الكتلة الداعمة لمحور الممانعة باتت مشتتة، فتكتل التوافق الوطني بدا مشاوراته لاختيار اسم، والسنة المستقلون سيكون لديهم خيارهم، وكذلك النواب الأربعة الذين خرجوا من التيار الوطني الحر، الذين صوّت اثنان أو ثلاثة منهم لفرنجية، سيكون لديهم خيارهم أيضًا، وربما سيطرح الثنائي الشيعي خيارًا مختلفًا، كما حدث في انتخابات العماد ميشال عون، عندما أعطى حزب الله أصواته لعون ولم يعطِ بري أصواته له، انقسام سيؤثر سلبًا على الانتخابات وعلى جلسة 9 كانون.
اتفاق مسيحي-مسيحي
هذه التعقيدات زاد منها عدم وجود اتفاق مسيحي – مسيحي على اسم لخوض معركته، والذي في حال حصل سيقلب بدوره توازنات المعركة، وهو ما تتحجج به بعض القوى لطرح اسماء من هنا وهناك، رغم ان التواصل قائم بين الاحزاب المسيحية الثلاث، الكتائب والوطني الحر والقوات اللبنانية، ولكنه حتى الساعة لم يسفر عن اي اتفاق على اسم مشترك، رغم ان المفاوضات قطعت نصف الطريق بالاتفاق على الاسماء المرفوضة، على ما تتقاطع عليه معطيات الافرقاء الثلاث.
وفي هذا الاطار تؤكد المصادر ان المعارضة تعول على ضم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الى جبهتها خصوصا بعد زيارته باريس وما سمعه من الرئيس الفرنسي من نصائح، من جهة، وعلى قيام كتلة سنية، ستبصر النور بالتاكيد بعد اللقاء الاميركي- السعودي، وهي عوامل ستساعد، حتما في تشكيل ضغط اكبر على الاطراف، داعية الى متابعة حركة النائب جورج عدوان الذ يعمل على خطين متوازيين، الاول، مع افرقاء المعارضة، والثاني، مع عين التينة.
وختمت المصادر بان ما يتم طرحه من اسماء يهدف الى حرق بعضها او تمرير الوقت للبعض الآخر على اتعبار ان المرشح الحقيقي لم يبرز بعد، واليد الطولى في تسميته تعود لواشنطن،التي لن تكشف ورقتها الا في الربع الساعة الاخير من السباق.
