ميشال نصر – بيروت بوست
بشكل دراماتيكي تطورت الاحداث بالامس، فما كادت اسرائيل تعلن عن احباطها محاولة لاغتيال رئيس اركانها السابق افيف كوخافي، حتى شهدت مناطق الجنوب مرورا بضاحية بيروت الجنوبية، امتدادا الى البقاع، وصولا الى سوريا، موجة تفجير لاجهزة ” البايجر” التي يستخدمها عناصر حزب الله، في عملية تقنية استخباراتية معقدة، لم تتضح كامل عناصرها، جرى الاعداد والتخطيط لها منذ مدة، وادت في نصف ساعة الى سقوط اكثر من ٣٠٠٠ شهيد وجريح.
اذ لم تكد تمضي فترة وجيزة على الكشف عن عبوة تل ابيب، شهدت المناطق الحاضنة لحزب الله حدثا امنيا خطيرا، تمثل في تنفيذ عملية امنية – استخباراتية، رجح ان تكون اسرائيل خلفها، استهدفت شبكة “اتصالات الحزب المستحدثة”،في مناطق الضاحية الجنوبية، والبقاع، والجنوب،وفي سوريا،والتي تم الاعتماد عليها، بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت قادة الحزب.
فبعد اكتشاف اختراق اسرائيل للشبكة السلكية الارضية، زاد حزب الله من اعتماده على اجهزة ال”pagers” او ال” beeper”، والتي تعمل “باتجاه واحد”، اي تلقي الرسائل المشفرة دون ارسال، لايصال الاوامر لمقاتليه، حيث يعتقد ان المخابرات الاسرائيليةنجحت في الوصول الى الدائرة الضيقة المكلفة ادارة عملية التواصل تلك وصولا الى تنفيذ عمليتها الضخمة.
وكشفت المصادر ان العملية جرى تنفيذها بدقة عالية، اذ طالت حصرا مقاتلي الحزب، دون غيرهم من حاملي هذه الاجهزة ومستخدميها في لبنان، ومنهم الطواقم الطبية، مشيرة الى ان “المهاجم” تمكن من الحصول على “اكواد البرمجة” الخاصة بالاجهزة المستهدفة والمشفرة، فضلا عن استهدافه نوعية معينة من هذه الاجهزة وصلت الى الحزب مؤخرا، وعددها حوالي 4000 جهاز، مصدرها شركة تايوانية،عبر شركة “تيليريم” الايرانية،وفقا للاعلام الاسرائيلي. اشارة الى انه بهدف ايقاع اصابات قاتلة ومؤكدة جميع الاجهزة التي انفجرت اصدرت اصوات تنبيه قبل انفجارها بثوان بهدف دفع حامليها للاقتراب من اجهزتهم واصابتهم عن قرب.
في هذا الاطار كشف احد خبراء الاتصالات انه لا يزال من المبكر الجزم حول الطريقة التي اعتمدت في تنفيذ عملية الاختراق، ذلك ان تحديد الاسباب التي يمكن ان تقف وراء هذه نتيجة متعددة، وتحتاج الى تحقيق دقيق وتحليل وفحص مجموعة من الاجهزة المنفجرة، ذلك ان من بين الفرضيات يمكن ان يكون قد تم تفخيخ هذه الاجهزة من المصدر، او من خلال زرع برمجيات خبيثة تم تفعيلها في لحظة معينة، وهاتان الفرضيتان تقودان الى ان اسرائيل كانت تلاحق الشحنة من المصدر، كما انه يمكن ان تكون نتيجة ضغط ولده كم كبير من الرسائل تعرضت له الاجهزة المستهدفة ما ادى الى ارتفاع حرارة بطاريات الليثيوم المجهزة بها، الا ان تلك الفرضية تبقى بعيدة عن الواقع، اما السيناريو الذي يحكى عنه من بث لموجات كهرومغناطيسية، عبر الموجات المشفرة التي تستخدمها تلك الاجهزة، ما تسبب بارتفاع حرارة البطاريات وانفجارها، يبقى امرا نظريا، ذلك ان هذه الحادثة لم يشهد لها الواقع مثيلا في السابق، وهي اقرب الى الخيال، من هنا عدم امكانية الجزم بالجهات التي يمكن ان تكون قد توصلت الى امتلاك تلك التكنولوجيا، وما اذا كانت اسرائيل من بينها.
اوساط متابعة توقفت عند نقطة فائقة الاهمية، معتبرة ان عملية الامس كشفت المئات من عناصر حزب الله، من خلال الحصول على صورهم وبصماتهم الصوتية، وهو امر يوازي بضخامته وخطورته العملية نفسها.
هذا الانكشاف الخطير رسم علامات استفهام حول تفلت المواجهة واحتمال تحول الحرب الدائرة الى صراع من نوع جديد، فالرسالة جاءت واضحة وخطيرة، رغم ان احد مستشاري نتانياهو حذف تغريدة له كان اشار فيها الى مسؤولية اسرائيل عن هجمات بيروت، بعد دقائق من نشرها، في وقت طلب فيه الى الوزراء عدم التعليق على الاحداث الجارية.
يبقى الاهم، كيف واين ومتى سيقول حزب الله كلمته هو الذي اكد ان الرد سياتي”من حيث يدرون ولا يدرون”.