هل نجح حزب الله في اعادة العمل بقواعد الاشتباك السابقة؟
على توقيت الجبهة الاساسية تحركت جبهة الاسناد، فرد حزب الله على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، في ذكرى اربعينية الامام الحسين، مع ما تحمله معها من معان. رد احاط به الكثير من الغموض، سواء لجهة هدفه الرئيسي، الذي بقي مسار تكهنات، ام لجهة طبيعة الاضرار اللاحقة باسرائيل، مع انتقال المواجهة الى داخلها، وسط مطالبات بمعرفة حقيقة ما جرى، خصوصا بعد اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
مصادر ديبلوماسية في بيروت كشفت ان حزب الله قرر التحرك، بعد ان بلغته الاشارات من غزة عن ان المفاوضات فشلت في تحقيق اي تقدم، مشيرة الى ان قوات الحرس الثوري كانت في صورة التحرك، وكذلك القوات الاميركية المنتشرة في المنطقة التي وضعت في حال استنفار قبل يومين، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة حصلت عليها، وهو ما دفع برئيس هيئة الاركان المشتركة الى زيارة اسرائيل، والاشراف على العملية التي نفذتها، خوفا من انفلات الوضع.
ورات المصادر ان المعلومات الاستخباراتية المتوافرة، تؤكد ان الضربات لم تنته وان الجيش الاسرائيلي يعد لموجة ثانية من الهجمات قد تكون رقعتها اوسع هذه المرة، واصفة ما حصل يوم الاحد بانه عملية اختبار من كلا الطرفين، لمدى جهوزية الطرف المقابل، وقدرته على احتواء الضربات وتحملها، معتبرة ان انه اذا ما واصلت اسرائيل العمل بنموذج الضربات الوقائية المحددة، مع الحفاظ على تنسيقها السياسي والعسكري مع الولايات المتحدة والناتو، ستنجح في تجنب الحرب الشاملة كبيرة، داعية الى عدم التسرع في حسم مصير تلك الحرب، اذ من المفيد درس العوامل المختلفة التي تؤثر في استمرار الصراع.
في هذا الاطار يقدم ما نشرته القناة 12 الاسرائيلية، من تسجيل صوتي لنقاش بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو واهالي الرهائن لدى حماس، مؤشرا لما قد تكون عليه الاوضاع، اذ حاول خلاله اقناعهم بضرورة التركيز على دفاع اسرائيل عن نفسها في مواجهة ايران وحزب الله، اكثر من التوصل الى صفقة للافراج عن الرهائن، متابعا «ايران تخطط لابادتنا وحزب الله يخطط لابادتنا، انهم في حلقة حولنا، ونحن نقول اننا لن نذهب مثل الخراف الى المسلخ».
كلفة العملية الاسرائيلية
وفيما انتقلت المواجهة الى الداخل الاسرائيلي، خصوصا بعد اطلالة الامين العام لحزب الله وتفنيده للعملية التي نفذها حزب الله، في اطار رده على اغتيال القائد في صفوفه فؤاد شكر، ارتفعت الاصوات الاسرائيلية المطالبة بمعرفة حقيقة ما حصل والاهداف النوعية التي استهدفها الحزب، وحقيقة ما حصل في البحر وادى الى اصابة مركب من نوع «ديفورا» ومقتل احد افراد طاقمه، علما ان ساعات المساء ورغم كل الاجراءات المتخذة سقط صاروخان في تل ابيب مصدرهما قطاع غزة.
وكانت معلومات اسرائيلية كشفت عن ان الضربة الاستباقية التي تزعم اسرائيل انها وجهتها الى حزب الله، قد بلغت كلفتها على اقتصادها حوالى 120 مليون دولار أميركي، اذ اشار مسؤول كبير في الصناعات الدفاعية الإسرائيلية الى انه تم استخدام حوالى 4 آلاف قنبلة من طراز «جيه دي إيه إم «كلفة الواحدة 25 ألف دولار، فيما كلفة تشغيل حوالى 100 طائرة مقاتلة لمدة 6 ساعات 18 مليون دولار، كما ان تشغيل الطائرات المسيرة لمدة 12 ساعة يكلف حوالى 1.08 مليون دولار، هذا دون ذكر الخسائر التي نتجت من القصف.
في المقابل لم تتخط كلفة هجوم الحزب من صواريخ كاتيوشا وطائرات مسيرة اكثر من عشرة ملايين دولار، غطت فيها رقعة عمليات جغرافية بلغت حدود ال 1500 كلم2، فيما رقعة عمليات اسرائيل لم تتخط مئة كلم2.
عودة لقواعد الاشتباك
«اوساط عسكرية» مواكبة للعملية اشارت الى انه من الواضح وفقا لكثافة النار التي استخدمها الجيش الاسرائيلي، وفقا لما ورد في اعلامه، ان الاخير لم يكن يعرف بالضبط ماهية خطة حزب الله الهجومية والاهداف التي خطط لضربها او التوقيت الدقيق لها، رغم ان الاهداف التي تحدث عنها الامين العام، وتحديدا مقر الوحدة 8200، التي تؤدي دورا اساسيا في الحرب الحالية، كان من ضمن بنك الاهداف الذي تحسبت له تل ابيب، واعتبرت احتمالية مهاجمته عالية جدا، وفقا «للمواصفات» التي حددها حزب الله، مشيرة الى ان المعلومات الاستخباراتية الاميركية أدت دورا اساسا في توجيه التحرك الاسرائيلي، الذي بدا قبل نصف ساعة من انطلاق الهجوم من لبنان.
وتابعت الاوساط ان حزب الله تمكن من خداع الاسرائيلي، مستخدما الثغر نفسها والتكتيكات نفسها التي لم تنجح اسرائيل في سدها حتى الساعة، خصوصا ان الحزب استخدم هذه المرة في هجومه مسيرات جديدة انطلقت من اكثر من مكان منها من البقاع، والتي لم تتمكن منظومات الدفاع الجوي الاسرائيلي من رصدها، رغم وجود عشرات المقاتلات في الجو، كما ان حزب الله تعمد عدم ادخال سلاح دفاعه الجوي في المعركة لعدم كشفه، في ظل كثافة وجود الطيران في الجو.
وختمت الاوساط، بان القصف الاسرائيلي كان مدروسا، وكذلك اهداف حزب الله، وهو ما جعل الامور تعود الى ما كانت عليه قبل الرد، اي عودة العمل الى قواعد الاشتباك السابقة، معتبرة ان الامور ستسير وفقا للوتيرة الجديدة الى ان تنجز الانتخابات الاميركية، وتحسم هوية الرئيس في البيت الابيض، عندئذ ستدخل المنطقة وقواعد اللعبة فيها مرحلة جديدة.
رسالة اميركية لبيروت
الى ذلك، يتوقع ان يصل الى بيروت رئيس هيئة الاركان المشتركة للجيوش الاميركية، الجنرال تشارلز براومن، في اطار الجولة التي يقوم بها على عدد من دول المنطقة حاملا معه اكثر من رسالة، ابرزها التشديد على «الشراكة» الاستراتيجية والعلاقة المتينة مع الجيش اللبناني، منذ الحرب على الارهاب، معيدا التاكيد على الدعم الاميركي للجيش اللبناني، خصوصا في الفترة المقبلة حيث يتوقع ان يكون للجيش اللبناني الدور الاساس في حفظ الاستقرار جنوبا في اطار ما نص عليه القرار 1701.
وفي هذا الاطار، كشفت مصادر مطلعة ان الجنرال الاميركي، وقبله قائد القيادة الوسطى، نقلا رسائل واضحة لاسرائيل حذرتها من التعرض للجيش اللبناني، باعتباره من الخطوط الحمر بالنسبة للادارة الاميركية، ورمزا للدولة اللبنانية، التي تعمل واشنطن على تحييدها عن اي ضربات اسرائيلية، خصوصا في ظل الاوضاع الراهنة التي تعاني منها والازمات الاقتصادية المتلاحقة التي تمر بها.