
خاص – بيروت بوست
في كانون الاول 2025 وقّعت إسرائيل واليونان وقبرص خطة عمل للتعاون العسكري تضمنت تعزيز التدريب المشترك، تبادل الخبرات في مواجهة التهديدات الحديثة (كالمسيرات والحرب الإلكترونية)، وتوسيع التدريبات المشتركة في الجو والبحر والبر، بما في ذلك مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في تدريبات مع شركائه في المتوسط.
الهدف الرسمي من الاتفاق هو تقوية الأمن والاستقرار في شرق المتوسط والتعاون في مواجهة التهديدات الإقليمية، بما في ذلك احتمالية تمدد النفوذ التركي أو نشاطات غير مستقرة في المنطقة.
١- التداعيات العسكرية المباشرة على لبنان:
أ. توازن القوى الإقليمي:
تعزيز قدرات إسرائيل والقوة الثلاثية يعزز التفوق العسكري الإسرائيلي في شرق المتوسط، بما في ذلك على الحدود الشمالية مع لبنان.
هذا يعمّق الفجوة العسكرية بين إسرائيل والتحالفات الإقليمية الأخرى، وقد يخلق إحساسًا بعدم التوازن لدى فاعلين مثل حزب الله.
ب. حزب الله والاستراتيجية اللبنانية:
حزب الله يعتمد على توازن ردع نسبي مع إسرائيل عبر منظومات الصواريخ الدقيقة وعمق الردع الإسرائيلي عبر القوة الجوية والبحرية، رغم الضربات التي تعرض لها.
فتعميق التعاون العسكري الثلاثي يزيد من قدرة إسرائيل على المراقبة والاستجابة السريعة، ويعني أن أي تصعيد قد يواجه قدرات أفضل تنسيقًا واعتراضًا من الجانب الإسرائيلي.
ج. الأمن البحري والحدود البحرية:
يضع الاتفاق ثقلًا أكبر على الأمن البحري في شرق المتوسط، وهو مجال تدخل فيه قبرص واليونان، ما قد يؤثر على لبنان خصوصًا مع الاتفاقيات البحرية الأخيرة بين لبنان وقبرص لاستغلال موارد الغاز.
امر يزيد من تعقيد إدارة الموارد البحرية المشتركة ويضع لبنان أمام خيارات صعبة بين محاذاة مصالحه الاقتصادية وعدم الانزلاق في صراع أوسع.
٢- الآثار السياسية والاستتباع الأمني:
أ. تضامن متزايد ضد نفوذ خصوم مشتركين:
الاتفاق الثلاثي يرسّخ تقاربًا أوسع لإسرائيل مع دول أوروبيّة شرق – متوسطيّة ضد ما يعتبرونه نفوذًا تركيًا أو إيرانيًا في المنطقة.
فلبنان، كدولة تثقلها مواجهة نفوذ إيران عبر حزب الله، سيكون في موقع ضغط متزايد إذا حاولت الدول الثلاث أن تضع استراتيجيات أمنية إقليمية شاملة تستبعد التدخلات الإيرانية.
ب. احتمال زيادة الاستقطاب في لبنان:
داخليًا، يمكن للتحالف أن يُستخدم من قبل بعض الفاعلين السياسيين في لبنان لتأجيج الخطاب المناهض للسياسات الإسرائيلية والغربية، ما يزيد من شرخ الاستقرار الداخلي.
٣- تحليل المخاطر والفرص:
أ- الفرص:
– استقرار بحري واقتصادي محتمل إذا تم تنسيق ملفات الغاز مع قبرص وإسرائيل بصورة تحفظ مصالح لبنان.
– احتمال دفع أطراف دولية للتوسط أو دعم استقرار حدودي عبر أدوات متعددة (دبلوماسية أو مراقبة).
ب- المخاطر:
– ارتفاع احتمالات المواجهة العسكرية على الحدود مع إسرائيل، خصوصًا إذا اعتُبر هذا التعاون تهديدًا استراتيجيًا من جانب حزب الله.
– زيادة الاعتماد اللبناني على محور دولي معادٍ لإيران، ما قد يقوّض توازنه الداخلي ويضعف قدرة الدولة على إدارة صراعاتها.
– استنزاف سياسي وأمني داخلي نتيجة استغلال هذا التحالف في النزاعات السياسية داخل لبنان.
٤- خلاصة الاستراتيجية:
التعاون العسكري الثلاثي بين إسرائيل واليونان وقبرص يعمّق التحالفات العسكرية في شرق المتوسط ويعزّز موقع إسرائيل العسكري في مواجهة خصومها الإقليميين. هذا لا يغير قواعد اللعبة مباشرة في لبنان، لكنه يرفع منسوب الضغط العسكري والسياسي على الدولة اللبنانية ويزيد من تعقيد استراتيجيات الردع المتاحة لحزب الله والدولة على حد سواء.
أما لبنان فسيواجه خيارات استراتيجية صعبة في إدارة علاقاته مع هذه المحاور، وخصوصًا في ظل توترات أوسع حول النفوذ التركي الإيراني والأمن البحري في شرق المتوسط.





