
خاص – بيروت بوست
يمكن قراءة تكثيف إسرائيل لاستهدافاتها العسكرية عشية لقاء بنيامين نتانياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال مجموعة متداخلة من الدوافع السياسية والعسكرية والاستراتيجية، تتجاوز البعد الميداني المباشر إلى حسابات أوسع تتصل بالتوقيت والرسائل.
أولاً: تحسين شروط التفاوض السياسي:
تاريخيًا، تحرص الحكومات الإسرائيلية على الذهاب إلى اللقاءات المفصلية مع الإدارة الأميركية وهي في موقع “القوة الميدانية”. فتكثيف الضربات قبيل اللقاء يهدف إلى إظهار أن إسرائيل تمسك بزمام المبادرة، وأنها غير مقيّدة أو مردوعة، ما يمنح نتانياهو أوراق ضغط إضافية في نقاشاته مع ترامب، سواء حول الدعم العسكري أو الغطاء السياسي في الملفات الإقليمية.
ثانيًا: توجيه رسائل ردع متعددة الاتجاهات:
الاستهدافات لا تخاطب طرفًا واحدًا فقط. فهي رسالة إلى حزب الله وإيران بأن أي تفاهمات سياسية أميركية – إسرائيلية لن تكون على حساب “حرية العمل العسكري” لإسرائيل. كما أنها رسالة إلى الداخل الإسرائيلي بأن الحكومة لا تزال قادرة على فرض معادلات الردع، في ظل انتقادات داخلية تطاول الأداء الأمني والسياسي لنتانياهو.
ثالثًا: استباق الضغوط الأميركية المحتملة:
يدرك نتانياهو أن أي لقاء مع ترامب، مهما كان مستوى الانسجام بين الطرفين، قد يتضمّن مطالب أميركية بتهدئة الساحات أو ضبط الإيقاع العسكري، خصوصًا إذا رأت واشنطن أن التصعيد يهدد استقرارًا إقليميًا أوسع. من هنا، يسعى إلى فرض وقائع ميدانية مسبقة تجعل من الصعب التراجع عنها لاحقًا.
رابعًا: ربط الميدان بالملف الإقليمي الأشمل:
يأتي التصعيد أيضًا في سياق الصراع المفتوح مع المحور الإيراني، ومحاولة إسرائيل إعادة رسم قواعد الاشتباك في أكثر من ساحة، من غزة إلى جنوب لبنان وسوريا. فتكثيف الضربات قبيل اللقاء يهدف إلى تثبيت معادلة أن إسرائيل لن تنتظر نتائج التفاهمات الدولية كي تتحرك.
خامسًا: حسابات داخلية لنتانياهو:
لا يمكن فصل التصعيد عن واقع نتانياهو السياسي الداخلي، حيث يستخدم الأمن والتصعيد الخارجي كأداة لتوحيد الجبهة الداخلية، وتخفيف الضغوط القضائية والسياسية عنه، وإظهار نفسه شريكًا “لا غنى عنه” للإدارة الأميركية.
عليه، فإن تكثيف الاستهدافات عشية لقاء نتانياهو – ترامب ليس فعلًا ميدانيًا معزولًا، بل جزء من استراتيجية ضغط محسوبة، تهدف إلى فرض إيقاع إسرائيلي على السياسة الأميركية، لا العكس.



