
خاص – بيروت بوست
يأتي لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في لحظة إقليمية ودولية شديدة الحساسية، حيث تتقاطع اعتبارات الأمن الإقليمي مع حسابات السياسة الداخلية لدى الطرفين.
عليه، يمكن مقاربة النتائج المتوقعة للقاء على أساس توازن دقيق بين ما هو معلن وما هو مضمر، وبين ما يمكن لواشنطن منحه وما يسعى نتانياهو إلى انتزاعه.
أولًا: تثبيت الشراكة الأمنية بلا شيك على بياض:
من المرجح أن يخرج اللقاء بتأكيد علني على “متانة التحالف الاستراتيجي” بين الولايات المتحدة وإسرائيل، خصوصًا في ما يتصل بالتعاون الاستخباري والدعم العسكري. إلا أن هذا الدعم لن يكون مطلقًا. فترامب، المعروف بنهجه البراغماتي، سيحرص على ربط أي التزام إضافي بضمان عدم انزلاق المنطقة إلى حرب واسعة قد تربك أولويات واشنطن الاقتصادية والانتخابية. بمعنى آخر: دعم نعم، لكن مع سقف غير معلن.
ثانيًا: حرية العمل العسكري… ضمن حدود:
سيحاول نتانياهو تكريس مبدأ “حرية العمل العسكري” الإسرائيلي، لا سيما في الساحات المرتبطة بإيران وحلفائها، اذ من المتوقع أن يحصل على تفهّم أميركي لاستمرار الضربات “النوعية والمحدودة”، لكن من دون ضوء أخضر لتوسيع المواجهة إلى حرب شاملة، خصوصًا على الجبهة اللبنانية. فالنتيجة المرجحة هي تفاهم رمادي: لا قيود صارمة، ولا تفويض مفتوح.
ثالثًا: إيران في صلب النقاش:
سيكون الملف الإيراني حاضرًا بقوة. نتانياهو سيدفع باتجاه تشديد العقوبات وتبني مقاربة أكثر صرامة، فيما سيوازن ترامب بين خطابه المتشدد وحساباته العملية، مفضّلًا استخدام الضغط الاقتصادي والسياسي بدل الانخراط العسكري المباشر. على هذا الصعيد قد يفضي اللقاء إلى تنسيق أوسع ضد إيران، من دون الإعلان عن استراتيجية تصعيدية واضحة.
رابعًا: الساحات الساخنة… تهدئة مُدارة لا حلول:
في ما يخص غزة ولبنان وسوريا، يُتوقع أن يتفق الطرفان على إدارة الأزمات لا حلّها. أي منع الانفجار الكبير، مع الإبقاء على مستوى توتر مضبوط يخدم معادلات الردع الإسرائيلية ولا يحرج واشنطن دوليًا. هذا يعني عمليًا تأجيل الاستحقاقات الكبرى، لا معالجتها.
خامسًا: البعد الداخلي للقاء:
بالنسبة لنتانياهو، يشكل اللقاء إنجازًا سياسيًا يُستخدم في الداخل الإسرائيلي لتأكيد مكانته الدولية وقدرته على التأثير في القرار الأميركي. أما ترامب، فيستثمر اللقاء لإظهار نفسه حليفًا قويًا لإسرائيل، من دون التورط في التزامات مكلفة.
خلاصة تقدير الموقف:
من غير المتوقع أن يُحدث لقاء 29 كانون الأول 2025 اختراقًا استراتيجيًا كبيرًا، لكنه سيرسّخ مسارًا قائمًا على إدارة الصراع لا حسمه، وعلى دعم أميركي مضبوط لإسرائيل، مقابل التزام غير مكتوب بعدم تفجير الإقليم. إنه لقاء لتثبيت القواعد، لا لتغييرها، ولشراء الوقت في منطقة تعيش على حافة التحولات الكبرى.



