
تبدو الأجندة العسكرية الإسرائيلية منفصلة تماماً عن الأجندة الدبلوماسية ومسار التفاوض. فبعد ساعات قليلة على اجتماع لجنة “الميكانيزم” الأول، الذي شارك فيه مدنيان ترأسا وفدي لبنان وإسرائيل، عادت الطائرات الإسرائيلية لتشنّ غارات جديدة على الجنوب. الرسالة واضحة: رفع مستوى التمثيل في المفاوضات لن يوقف العمليات العسكرية، فيما يبقى العامل الحاسم هو نتائج التفاوض وليس صورته.
الاربعاء، يمكن اعتبار ما جرى الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل. أما الخطوة التالية فستكون في اجتماع الميكانيزم المقرر في التاسع عشر من هذا الشهر. بعد هذا التاريخ، يدخل المسار مرحلة أكثر حساسية، إذ يتبقى أسبوعان فقط على انتهاء المهلة التي وضعها الجيش اللبناني في خطته لإنجاز مهمة «حصرية السلاح». وقد قدّم الجيش اليوم عرضاً مفصلاً وثوابت تشير إلى التقدم في الشهر الثالث من المرحلة الأولى، وهي – بحسب ما نقله الوزراء – تسير وفق الجدول الزمني المحدد.
صحيح أن بدء التفاوض يشكّل نقطة تحوّل، لكنه يبقى مساراً شائكاً، فالتفاوض مع إسرائيل ليس نزهة سياسية، بل طريق مليء بالألغام، كما تثبته تجارب التاريخ: من مفاوضات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل إلى اتفاق أوسلو بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهي مفاوضات استغرقت سنوات طويلة قبل توقيعها، وسنوات أخرى في محاولات التطبيق.
في النهاية، الهدف واحد: التوصل إلى تسوية، سواء عبر الحرب أو المفاوضات. لكن التعقيد الأساسي يكمن في أن الأطراف المتفاوضة اليوم غير متكافئة سياسياً وعسكرياً، ما يزيد من صعوبة الوصول إلى اتفاق سريع أو متوازن، ويجعل المرحلة المقبلة أكثر حساسية على المسار اللبناني–الإسرائيلي.
(مقدمة أخبار ال ال.بي.سي)




