
خاص – بيروت بوست
تكشف الأرقام الرسمية والدراسات الميدانية أنّ كلفة حوادث السير في لبنان تبلغ نحو 1.4 مليار دولار سنوياً، وهو رقم صادم يوازي ثلاثة أضعاف قروض البنك الدولي المخصّصة لدعم الأسر الفقيرة منذ عام 2020.
هذه الخسائر الهائلة تشمل الأرواح البشرية المهدورة، والأضرار المادية، وكلفة العلاج والتعويضات، وتعطّل الإنتاج، ما يجعلها نزيفاً اقتصادياً مزمناً يضرب بنية الدولة والمجتمع في العمق.
فالمبلغ المهدور سنوياً نتيجة حوادث الطرق يكفي لبناء معمل كهرباء بقدرة 500 ميغاواط، ويغطي نحو 30% من إيرادات الموازنة العامة، بل يتجاوز الإيرادات الجمركية التي تسعى الحكومة لتحقيقها.
والأخطر أنّه يوازي نصف القرض المتوقع من صندوق النقد الدولي، ما يعني أن لبنان يخسر على الطرقات ما يمكن أن ينعش اقتصاده لو أُحسن استثماره في البنى التحتية والسلامة العامة.
ورغم خطورة هذه الأرقام، لا تزال المعالجة الرسمية محدودة، يغلب عليها الطابع الموسمي والمناسباتي، وسط غياب استراتيجية وطنية للسلامة المرورية وضعف التنسيق بين الوزارات والأجهزة المعنية.
فالبنى التحتية المهترئة، الطرق غير المؤهلة، القيادة المتهورة، وتراجع الرقابة، كلها عوامل تجعل من الطرق اللبنانية ساحة مفتوحة للخطر اليومي.
في بلدٍ يبحث عن مصادر تمويل جديدة، يبدو أنّ الاستثمار في السلامة المرورية قد يكون الإصلاح الأرخص والأكثر مردوداً، لأن كل حادث يُمنع هو استثمار في حياة الإنسان واقتصاد الدولة.





