
خاص – بيروت بوست
أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ان بلاده”لم تعد نمارس سياسة الاحتواء بل هناك مبادرة طوال الوقت ونحن نقوم بذلك لأننا ندرك عظمة الجيش الذي نملك”، في دلالة واضحة الى التحوّل النوعي في المقاربة العسكرية والسياسية على حدّ سواء، كاشفا بوضوح أن مرحلة الدفاع السلبي انتهت، لتحلّ محلها عقيدة جديدة قوامها المبادرة والهجوم الاستباقي.
تصريح، لا يمكن قراءته كجملة دعائية فحسب، بل كإعلانٍ صريح عن تحوّل استراتيجي في العقيدة العسكرية الإسرائيلية. فنتنياهو، الذي يجد نفسه في قلب أزمة سياسية داخلية خانقة وتحديات أمنية متصاعدة على أكثر من جبهة، يسعى عبر هذا الخطاب إلى إعادة رسم صورة “إسرائيل المهاجمة لا المنتظرة”، في محاولة لاستعادة زمام المبادرة وفرض قواعد اشتباك جديدة، خصوصاً في الجنوب اللبناني وغزة.
جوهر هذا التصريح يكمن في التخلي عن مفهوم “الاحتواء”، أي سياسة ضبط التوتر وتفادي الانزلاق إلى مواجهة شاملة، لصالح سياسة الهجوم الاستباقي التي تعتبر أن أفضل وسيلة للدفاع هي المبادرة. هذه المقاربة تعبّر عن قلق إسرائيلي متزايد من تنامي قدرات محور المقاومة، ومحاولة لتوجيه رسالة ردعية مزدوجة: واحدة للداخل الإسرائيلي لإعادة الثقة بالجيش، وأخرى للخارج لتأكيد أن إسرائيل لن تنتظر التهديدات بل ستواجهها قبل أن تتبلور.
لكن خلف هذا الخطاب المفعم بالثقة، تبرز قراءة أعمق للمشهد الأمني والسياسي، إذ يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة أكثر سخونة، تتطلب جهوزية عالية وقرارات حاسمة. فالتأكيد على “عظمة الجيش” ليس مجرد مدح مؤسساتي، بل إعلان صريح بأن القوة العسكرية باتت جزءاً من معادلة الردع السياسي، وأنّ اسرائيل تمتلك اليوم ما يكفي من الإرادة والقدرة للانتقال من الدفاع إلى الفعل، ومن الصبر إلى المبادرة.





