خاصأمن وقضاءإقليميدوليسياسةنزاعات وصراعات

من غزة الى بيروت: تداعيات انهيار مبادرة ترامب

خاص – بيروت بوست

بددت الساعات الماضية الايجابية التي احاطت بامكان وقف حرب غزة، عبر مقاربات اقتصادية وأمنية، استنادا لمبادرة الرئيس دونالد ترامب، التي اعدها الثنائي توني بلير – غاريد كوشنير، كجزء من “صفقة القرن” لإعادة صياغة الخريطة السياسية للصراع العربي -الإسرائيلي وإعادة هندسة العلاقة بين إسرائيل وبعض العواصم العربية. امر اذا ما اصبح واقعا، سيشكل محطة استراتيجية فارقة بتداعياتها العميقة على مختلف ملفات الشرق الأوسط، لا سيما على الساحة اللبنانية.

“فشل” لا يُقرأ فقط كتعثر تكتيكي، بل يُنظر إليه كاختلال في منطق الترتيبات الأميركية – الإسرائيلية للمنطقة ككل، والتي كانت تهدف إلى عزل قوى المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين، وتقديم نموذج “سلام قسري”. من هذا المنطلق، يصبح لبنان في قلب التأثر المباشر، موقعًا، ودورًا، وسلاحًا، وشراكةً.

من هنا، تأتي أهمية تحليل الانعكاسات المتعددة لفشل تلك المبادرة على لبنان، من الزاوية الاستراتيجية والسياسية والأمنية، لفهم كيف سيؤثر هذا التحوّل في موازين القوى والمقاربات الأميركية على مستقبل الاستقرار اللبناني، وعلى موقعه في صراع النفوذ بين الولايات المتحدة، إسرائيل، وإيران، من جهة، وبين محاور الداخل اللبناني من جهة أخرى.

فعلى الصعيد الداخلي، ترجّح مصادر سياسية أن يؤدي فشل المبادرة إلى تعميق الانقسامات السياسية، التي ستنعكس على قدرة المؤسسات على تنفيذ قراراتها، والتعامل مع الضغوط الدولية، في وقت قد يحافظ فيه حزب الله على خطاب دعم القضية الفلسطينية كركن سياسي، بينما توازِن قيادته بين خيارات “تصعيد تكتيكي” محدد أو الاستمرار في مراجعات استراتيجية داخلية بدات، مبدية، اعتقادها بان بعض الدول العربية قد تراجع سياساتها تجاه لبنان، سواء عبر الضغط لتجنب التصعيد، او عبر محاولات دعم مسارات تهدئة بديلة.

سيناريوهات متوقعة

وعليه تتوقع المصادر، ان تسلك التطورات احدى الاتجاهات التالية:

– تصيعد محدود ومتقطع، من خلال ارتفاع وتيرة الغارات والاستهدافات ورقعتها الجغرافية، مضبوطة بوساطات إقليمية، وهو السينارية الاكثر ترجيحا.

– تصعيد إقليمي أوسع، من خلال مواجهة تمتد لتشمل ضربات وصواريخ على نطاق أوسع، قد تطال ايران، في ظل التقارير التي تتحدث عن استعدادات عسكرية وانذارات لطهران، يتدخل معها حزب الله عسكريا بشكل مباشر.

– الحفاظ على الستاتيكو السياسي والاقتصادي الداخلي الحالي، ما سيتسبب في اعاقة تنفيذ القرارات الحكومية ويطيل أمد الأزمات الاقتصادية والإنسانية في لبنان.

وتختم المصادر بان فشل مبادرة ترامب ليس أمراً يهمّ غزة وحدها، لما يشكله من مخاطر على البيئة الإقليمية، ويضع لبنان مرة جديدة في مرمى التداعيات، بين توترٍ أمني محتدم، وانقسام داخلي يعرقل استجابات الدولة، وأزمة اقتصادية اجتماعية تتعاظم، حيث تبدو الصورة الأكثر احتمالاً هي تلك التي يتموضع لبنان في حلقة عزلة على مختلف الاصعدة، ما يجعل الحاجة إلى تدخّل دبلوماسي منسّق وخطط طوارئ وطنية أمراً حيوياً لدرء السيناريوهات الأسوأ. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى