خاصأمن وقضاءإقليميدوليسياسةنزاعات وصراعات

تقدير موقف | هذا ما قاله أمين عام حزب الله

خاص – بيروت بوست

في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، قدّم أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، خطابًا حمل في طياته رسائل سياسية واستراتيجية مهمة على تماس مباشر، مع مستقبل لبنان والمنطقة بأسرها.

فالذكرى التي شكلت نقطة تحول في تاريخ حزب الله، تمثل رمزًا كبيرًا لمقاومة مستمرة في وجه قوى كبرى تسعى إلى تغيير معادلات القوة في الشرق الأوسط، على رأسها إسرائيل وحلفاؤها الدوليون والإقليميون.

فالخطاب الذي ألقاه “الشيخ نعيم”، في هذه المناسبة، لم يكن مجرد تأبين للشهداء، بل كان بمثابة استعراض سياسي واستراتيجي لمواقف الحزب حيال التحديات التي يواجهها لبنان، والعلاقات مع القوى الإقليمية والدولية، خاصة إيران وأميركا، مركزا بشكل خاص على التحولات العسكرية والسياسية التي قد تحدد مصير لبنان في السنوات المقبلة.

واضح ان حزب الله اختار هذه المناسبة لتأكيد استمرار المقاومة في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة، ودعم السيادة اللبنانية ضد التدخلات الخارجية، خصوصًا في ظل التحديات الداخلية التي يعيشها لبنان من أزمات سياسية واقتصادية، إلى جانب تناوله للعلاقة الاستراتيجية مع طهران، موضحًا أنها تمثل “عنصرًا محوريًا في دعم المقاومة”، وضرورة التنسيق المستمر بين البلدين في مواجهة الضغوط الغربية.

ففي حين أن الحزب يرفض أي تدخل خارجي في شؤون لبنان الداخلية، إلا أنه في الوقت نفسه يدعو إلى تعزيز الوحدة الوطنية بين مختلف القوى السياسية اللبنانية، بحيث تشكل المقاومة جزءًا من هذا النسيج الوطني، حاملا رسائل طمأنة للبنانيين حول قدرة الحزب على مواصلة دوره السياسي والعسكري في حماية لبنان من المخاطر المحدقة به، سواء كانت من جانب إسرائيل أو التدخلات الغربية.

في هذا التحليل، سنتناول المواقف التي أطلقها الشيخ قاسم، حيث سنسعى إلى تفكيك الرسائل الاستراتيجية التي حملها، وتحليل كيفية تأثير هذه المواقف على المشهد السياسي اللبناني والإقليمي، وما تعنيه هذه التصريحات في ضوء التحديات الأمنية والسياسية الراهنة.

واضح ان أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، قدم خطابًا، يعكس استراتيجية الحزب، من جهة، وتحليلًا عميقًا للوضع السياسي والأمني في لبنان والمنطقة، من جهة أخرى، في توقيت حساس للغاية، حيث يتزامن مع تقلبات إقليمية ومحلية، خصوصا بعد الارتفاع الملحوظ في التوترات بين القوى الدولية والإقليمية، والتحديات الأمنية التي يواجهها لبنان.

من هنا، يمكننا استخراج عدد من النقاط الاستراتيجية والسياسية التي تمثل محاور رئيسية في موقف حزب الله ورؤيته للمستقبل، ابرزها:

1. إحياء ذكرى الشهداء في سياق المواجهة الكبرى:

اذ تجاوز الخطاب الذكرى، ليشكل رسالة سياسية وأمنية مهمة، مشددا على أن العمليات العسكرية التي استهدفت قيادييه كانت بمثابة “محاولة لتقويض المقاومة” وأضعاف قدرتها على مواجهة التحديات. في هذا السياق، ربط “الشيخ نعيم” بين هذا الحدث وبين مسألة المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي، حيث يظهر الحزب كقوة مستقلة قادرة على مواصلة “المعركة” ضد إسرائيل، مؤكدا على أن دماء شهدائه لن تذهب سدى بل ستغذي “الاستراتيجية الكبرى للمقاومة” ضد القوى التي تستهدف لبنان.

التحليل الاستراتيجي:

– عكس الخطاب السياسي هنا استراتيجية الحزب في استثمار الرمزية التي تحيط بالشهداء لتعزيز مكانته السياسية.استثمار رمزي مهم لأنه يساهم في “تعزيز التواصل مع القاعدة الشعبية”، مؤكدا على وحدة الحزب وحيويته السياسية والعسكرية رغم التحديات.

– التركيز على استمرارية المقاومة وتحويل هذه الذكرى إلى محطة لاستعراض القوة العسكرية والسياسية، ما يعكس إصرار حزب الله على أنه لا يزال الرقم الصعب في معادلة الأمن الإقليمي.

2. الرد على التهديدات والضغوط الإقليمية:

في حديثه، أشار الامين العام إلى الضغوط الإقليمية والدولية التي تواجه حزب الله، مؤكداً أن الحزب لن يتراجع عن موقفه الراسخ بالوقوف في وجه الضغوط الدولية، خاصة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، مشيرا إلى أن المقاومة مستمرة وأن الحزب يرفض أي محاولات لفرض شروط عليه من قبل القوى الغربية أو العربية.

التحليل الاستراتيجي:

التهديدات الإقليمية والدولية، سواء من الولايات المتحدة أو من بعض الدول العربية، تضع حزب الله في مواجهة مباشرة مع القوى الكبرى في العالم. هنا، يظهر حزب الله كحامل لواء الاستقلالية والسيادة اللبنانية في وجه ما يعتبره الهيمنة الغربية. خطاب يعكس رغبة الحزب في بناء علاقة مع الشعب اللبناني قائمة على التمسك بالسيادة الوطنية ومقاومة الضغوط الدولية.

رفض أي تدخل خارجي، اذ أن الحزب يرى نفسه قوة إقليمية فاعلة ليس فقط في لبنان، بل في الشرق الأوسط بشكل عام، خصوصًا في مواجهة المحاور الغربية التي تسعى إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالحها.

3. الحديث عن التنسيق مع إيران وعمق العلاقة الاستراتيجية:

لا يمكن تجاهل ما أشار إليه “الشيخ نعيم” في خطابه حول العلاقة الاستراتيجية مع إيران. حيث أكد على أن العلاقة بين حزب الله وإيران “علاقة عضوية”، وأن إيران ستظل داعمة للمقاومة في مواجهة التحديات الكبرى، كما أن الدعم الإيراني لا يقتصر على المساعدات العسكرية فقط، بل يمتد ليشمل الدعم السياسي والاقتصادي، وهو نفس السياق الذي تحدث فيه لاريجاني.

التحليل الاستراتيجي:

– العلاقة بين حزب الله وإيران تمثل عنصرًا محوريًا في استراتيجية حزب الله، فمن خلال هذه العلاقة، يحصل الحزب على دعم استراتيجي مستمر يمكّنه من تعزيز قدراته العسكرية والاستخباراتية، وهو ما يضفي قوة إضافية على موقفه في أي مواجهة مع إسرائيل أو القوى المعادية. هذه العلاقة تؤكد نظرية ان  حزب الله ذراع عسكري لطهران في المنطقة، وهو ما يثير قلق القوى الغربية وبعض الدول العربية.

– بالنسبة لحزب الله، الارتباط بإيران ليس مجرد تحالف عادي، بل تحالف استراتيجي طويل الأمد يضمن له القدرة على مواجهة الضغوط الدولية والحفاظ على قوته في لبنان والمنطقة. كما أن التأكيد على الدعم الإيراني يعكس التحالف الإقليمي الذي يعزز من مواقف حزب الله في وجه المخططات الأميركية في الشرق الأوسط.

4. التأكيد على أهمية الوحدة الداخلية اللبنانية:
في خضم الحديث عن القضايا الإقليمية، ركز الشيخ نعيم قاسم على أهمية الوحدة الداخلية اللبنانية، داعيا إلى تعزيز الجبهة الداخلية والتعاون بين جميع الأطراف السياسية اللبنانية لتجاوز الأزمات الراهنة، معتبرا أن الاستقرار الداخلي هو أساس أي مواجهة ناجحة ضد أي عدوان خارجي. فالمقاومة يجب أن تكون جزءًا من النسيج الوطني اللبناني، وأن هذا هو الطريق الأمثل للحفاظ على الاستقلالية والتصدي للتحديات.

التحليل الاستراتيجي:

– على الرغم من مواقف حزب الله السياسية التي غالبًا ما تكون مثيرة للجدل داخل لبنان، إلا أن تأكيده على الوحدة الداخلية يعكس إدراكًا لاهمية استقرار لبنان في مواجهة الضغوط الخارجية. في هذا السياق، يرسخ الحزب نفسه كطرف إيجابي في المعادلة اللبنانية، ويسعى لخلق توازن بين دوره كمقاوم خارجي ودوره كفاعل سياسي داخلي.

– يبرز هذا الموقف الازدواجية الاستراتيجية لحزب الله، بين الحفاظ على تحالفاته الإقليمية مع إيران ومحور المقاومة، مع التأكيد في الوقت نفسه على ضرورة وجود توازن داخلي يشمل جميع الطوائف والمكونات اللبنانية.

5. الموقف من الاستحقاقات السياسية اللبنانية:

في ختام خطابه، أكد الشيخ نعيم قاسم أن حزب الله مستعد لمواصلة دوره السياسي في لبنان، ومواكبة الاستحقاقات الداخلية، بما في ذلك الانتخابات النيابية المقبلة.

التحليل الاستراتيجي:

المشاركة السياسية لحزب الله تُظهر تكاملاً بين الجناحين العسكري والسياسي في استراتيجيته العامة. من خلال هذا الخطاب، يعزز حزب الله من رؤيته السياسية للمرحلة المقبلة، ما يشير إلى أن الحزب يخطط للمرحلة القادمة على المستوى السياسي بشكل يضمن استمرار النفوذ الإيراني وحزب الله في الساحة السياسية اللبنانية.

عليه تجسد تصريحات الشيخ نعيم قاسم،  في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال السيدين نصر الله وصفي الدين رؤية حزب الله الاستراتيجية للمستقبل. فهي ليست مجرد تأبين للشهداء، بل هي رسالة سياسية وأمنية تؤكد على استمرار المقاومة والتزام الحزب بمواقفه الإقليمية والدولية، في ظل توترات متزايدة على المستويين الإقليمي والدولي.
فحزب الله يركز في خطابه على تعزيز الاستقلالية اللبنانية، والتمسك بالعلاقات مع إيران كركيزة أساسية في استراتيجية المقاومة، وفي الوقت نفسه يعزز من ضرورة الوحدة الداخلية لتحقيق الاستقرار في لبنان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى