سياسةمختارات

22 تشرين الثاني 2024

د. خليل الحلو

عميد متقاعد


اليوم يوم كل شيء ألا الإستقلال! إستقل لبنان عن إنتداب فرنسي دام 23 عاماً واحتفل وطبـّل وهيـّص وبقينا نحتفل بهذا اليوم 81 عاماً … جميل جداً أن نحتفل ولكن اليوم هو يوم تفكير وليس يوم فرح.

بداية علي أن أوضح أن النضال من أجل الإستقلال الحقيقي مستمر أمس واليوم وغداً وبعد غد، ومن يقوم بهذا النضال؟ الشجعان أصحاب الأذهان الصافية والنوايا الطيبة غير الفاسدين المؤمنين بالقيم وبلبنان الكبير، هؤلاء هم المناضلون الحقيقيون.


منذ اللحظة الأولى واللبنانيون الوطنيون يناضلون صادقين ومتحمسين لبناء دولتهم، والفاسدون يتوغلون بينهم ويمعنون بنخر عظم لبنان وهؤلاء الفاسدين هم في كل مكان: في السلطة منذ العام 1943 (ليس “كلن يعني كلن” فهذا التعميم هو للتعمية عن الفاسدين الحقيقيين) وموجودين في مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية والعسكرية والقضائية والبلديات والأحزاب والجمعيات (مرة أخرى: ليس “كلهم يعني كلهم” فالأوادم موجودين أيضاً في هذه المؤسسات ويجب أن يعطوا حقهم وتقديرهم لصمودهم الأخلاقي في هذا البحر من الفساد).

ما عليكم سوى أن تمروا أمام منازل الفاسدين ومواقف سياراتهم دون الحاجة إلى محققين عدليين ليحزر الساذج والولد الصغير من هو الفاسد ومن هو غير الفاسد. والفاسدون موجودون أيضاً في كل الثورات منذ العام 1952 متنكرين بزي الثورات إلى جانب من يثور فعلاً وصدقاً، فقد رأينا منهم مؤخراً مثلاً في ثورة 17 تشرين يزايدون ويتقدمون ويصرخون بينما الصادقين كانوا يحاولون تظهير صورة نظيفة أفسدها هؤلاء بفسادهم المادي والأخلاقي والإجتماعي ونسفهم لكل محاولة تنظيمية من الداخل، وخاصة بعض من أطلق شعار “كلهم يعني كلهم”.


ذهب الإنتداب الفرنسي، ثم بدأ الإستقلال يضعف أمام تحديات داخلية وخارجية على خلفية الفاسدين وبدأنا ننزلق إلى نصف إستقلال بوجود فلسطيني مسلح واتفاق القاهرة (1969) ثم إحتلال سوري فاقت مدته الإنتداب الفرنسي إذ دام 30 عاماً : 8 سنوات أكثر من الإنتداب الفرنسي. تحت الإنتداب الفرنسي بنيت مؤسسات الدولة وتحت الإنتداب الفرنسي بنيت مؤسسات خاصة ومرافق حيوية، بينما أمعن الإحتلال السوري في تهديم وزعزعة مؤسسات الدولة التي أوصل إلى قممها من زحف لنظام دمشق، وعشعش فيها من كان فاسداً سياسياً وأخلاقياً، وهذا الإحتلال جلب قوات إيرانية إلى لبنان وبدأ منذ ذلك الحين الإنتداب الإيراني (1982).

وبينما كان لبنان ينتقل من إنتدابات إلى إحتلالات كانت فوضى جنوب لبنان وأطماع إسرائيل بمياه لبنان تنتج إحتلالات إسرائيلية (1949 – 1967 – 1978 – 1982 – 2024) تتحول إلى شماعة للإنتداب الإيراني الذي تحول احتلالاً مقنعاً وما زال الفاسدون يسايرونه وينعمون بخيراته سلطة ومالاً … طالما الدول الغربية ومندوبيها يفاوضون الإنتداب الإيراني ويعترفون به وآخرهم “الرفيق هوكشتاين” … إنتداب إيراني مقترن بإحتلال يصادر القرار الوطني منذ أكثر من 3 عقود وما زال، في ظله وفي ظل الفاسدين الذين يتحلقون حوله والذين تحلقوا حوله ويبحثون عمن ينتدبهم من بعده ليتحلقوا حوله : لا إستقلال وعار الإحتفال بالإستقلال … والنضال مستمر للإستقلال الحقيقي ولا مشكلة أن يستمر النضال لسنوات ولعقود لا بل لقرون، فالحياة بدون نضال لقضية سامية لا معنى لها.


عاش لبنان الكبير.

اظهر المزيد

بيروت بوست

بيروت بوست، موقع إلكتروني مستقل يَرصُد جميع الأخبار السياسية، الفنية والرياضية في لبنان والشرق الاوسط والعالم، بالإضافة إلى تحليل الأحداث المحلية والإقليمية...

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى