هوكشتاين في تل ابيب… زيارة رفع عتب
ميشال نصر
من حيث الشكل، التزمت تل ابيب بالسقف الاميركي المحدد لها، بعد فترة من حبس الانفاس خوفا من ضربة اسرائيلية “متهورة”،ما فتح الباب على تحليلٍ ادق للمرحلة المقبلة اقليميا، حيث تتجه الانظار الى انعكاسات شكل الرد الاسرائيلي وحجمه معطوفا الى كيفية تعاطي طهران معه، على مسار الامور في لبنان. فهل تنعكس هذه “التهدئة” الاسرائيلية – الايرانية، على الميدان؟ وهل تترافق مع تراجع تل ابيب عن قرارها المدعوم اميركيا بتحجيم طهران في المنطقة؟
فعلى وقع الافق المقفل، سياسيا، مع تعطيل لغة الدبلوماسية لوقف الهجوم الاسرائيلي، رغم حركة الاتصالات والمشاورات الشكلية المستمرة على اكثر من خط دولي، للوصول الى افكار ومساحة مشتركة بين المعنيين، وسط انكفاء دولي متعمد او عاجز اقله عن ممارسة أي جهد ضاغط لوقف الحرب، وعسكريا، في ظل الستاتيكو المرتبط بالميدان وتطوراته، يمضي لبنان بخطى ثابتة نحو مزيد من التدمير المنهجي، الذي لم يكن ينقصه سوى ادراجه على اللائحة الرمادية، التي سيتجرع مرارة كاسها حتى النهاية.
وفي هذا الاطار تكشف المعطيات عن زيارة سيقوم بها الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى تل ابيب، لمناقشة ما بحثه في لبنان وما توصل اليه من “مسودة حل” مزعزمة، مع الجانب الاسرائيلي، على ان يحمل الجواب الى بيروت في حال نجح في تحقيق خرق ما، يجمع اغلبية المراقبين على صعوبته، اذ وفقا للتقارير الاستخباراتية الغربية القادمة من تل ابيب، وتقييماتها، تجزم بان المستويين السياسي والعسكري يعتبران ان الجيش الاسرائيلي في طريقه نحو تحقيق الاهداف الموضوعة، وان بكلفة عالية نسبيا، الا انها ما زالت ضمن الحدود المتوقعة.
وتابعت المصادر، ان خطة الدخول الى لبنان لم تلغ كما يعتقد البعض ويروج لهان انما اعيدت صياغتها وترتيب اولوياته وتعديل خططها، وفقا لما بينته عمليات الاستطلاع بالنار، بدليل ان استدعاء الاحتياط في اسرائيل لا زال مسمترا، انما “بالمقسط” في ظل استمرار حشد الوية الاحتياط على الحدود اللبنانية، كاشفة ان الخسائر الاساسية على الصعيد البشري لحقت بالوحدات اللوجستية للجيش الاسرائيلي، وليس بالوحدات القتالية، نتيجة لجوء الجيش الاسرائيلي الى استخدام “الخديعة” عبر دفعه بآليات مدرعة تم تجهيزها لتشغيلها عن بعد.
المصادر التي ابدت خشيتها من ان يكون تمديد التفويض المعطى لاسرائيل للاستمرار في هجومها على الجبهة الشمالية وفي العمق اللبناني، الى جانب المساعدات المالية، والاهم تزويد تل ابيب بقذائف مدمرة، احد الاثمان المدفوعة، مقابل الضربة المحدودة التي وجهت لايران، كشفت ان ما نقل على لسان رئيس اركان الجيش الاسرائيلين حول مهلة الاسبوع الى اسبوعين الى للانتهاء من المناورة البرية التي بدات، لا يعني ابدا وقفا للعمليات العسكرية في لبنان، بل انتقالا الى المرحلة الثانية من الخطة الاسرائيلية، والتي قد تتضمن اشعالا للجبهة السورية، رغم ان كل الاحتمالات تبقى مفتوحة الى حين اتضاح هوية الرابح الاميركي، والتي لن تحسم عشية السابع من تشرين الثاني.
وعليه، تشير المصادر الى ان التعويل على دور الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، ونتائج زيارته الى تل ابيب، لتحقيق وقف لاطلاق النار، تبقى غير موضوعية، فهوكشتاين والى اجل غير مسمى، بات خارج المعادلة راهنا، وحركته لا تعدو كونها انتخابية محض، لن تقدم او تؤخر في واقع الحال ومسار الامور.