خاصعالسطرمكتب التحرير

هل “استحقت” حارة حريك الموقف فتراجعت عن تهديدها لنيقوسيا؟

رغم مرور أيام على العاصفة التي أثارتها مواقف أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وتداعيات ما أدلى به في إطار “الحرب النفسية” الاستباقية، تستمر تل أبيب في إجراءاتها التي أن دلت فعلى أنها مصرة على خوض الحرب على الجبهة الشمالية، بعدما باتت تشكل خطراً وجوديا عليها. فمن خطوة وزير المال الذي أعلن عن تخصيص مبلغ ٨٠ مليون دولار للإستيطان في جنوب لبنان، إلى إبلاغ الحكومة مستوطني الشمال تمديد فترة إخلائهم حتى نهاية العام، لا شيئ يبشر بالخير.

وسط هذا المشهد، لعل أبرز ما ظهره أمين عام حزب الله في إطلالته الأخيرة، هو استعداد الحزب للذهاب نحو المنازلة الكبرى، بعدما غيرت التطورات الإقليمية أجندة المواعيد، ليبلغ سقفه حد الحديث عن “حرب متوسطية” لا إقليمية فحسب، رغم أن الكثيرين وضعوا الكلام في إطار الحرب النفسية، في ظل معرفة حارة حريك تماماً أن الموازين الدولية الراهنة، لا تسمح بتحدي الغرب والأميركيين، خصوصاً في حال نقل الصراع إلى خارج إسرائيل، أو ضرب منصات الغاز، التي تعتبر خطا أحمر.

في كل الأحوال بينت تطورات الساعات الماضية، أن الحملة المضادة، داخلياً وخارجيا، قد أثمرت تراجعاً للحزب، عبر عنه “جماعة المحور” في تأكيدهم على أمرين أساسيين:

  • أولا، تواصل حارة حريك غير المباشر مع نيقوسيا، عبر “وسيط أمني” لبناني، عمل على نقل أجواء إيجابية من قبل طرفين، علماً أن الحزب في الفترات الماضية وأمام تلكؤ السلطة اللبنانية وسكوتها المريب، عن القيام بواجباتها إزاء المناورات التي حاكت حروبا ضد لبنان، كان أوصل أكثر من رسالة للجزيرة عبر القنوات الدبلوماسية.
  • الثاني، وضع ما حصل في سياق، “بحكيكي يا جارة لتسمعي يا كنة”، فالرسالة أولاً وأخيراً كانت موجهة لتل أبيب، ومفادها أن أي حرب تعني شل قواعدها الجوية وجعلها خارج الخدمة كليا، وإن لم تسقط من حسبانها عملية “زكزكة” قبرص، التي “تقل حسابها” مع المحور منذ ٢٠١١.

ولكن هل الأمور، فعلاً حدودها ما سبق، أم هي أعمق وأخطر مما قيل؟
في معرض شرحه وربطه للتطورات في المنطقة، طلب مصدر دبلوماسي في بيروت، عدم التخفيف من حجم ما حصل، ذلك أن الأمور بين قبرص وحارة حريك ليست “قصة رمانة بقدر ما هي قلوب مليانة”، متوقفا عند النقاط التالية:

  • لطالما اعتبر الحزب الجزيرة الأوروبية قاعدة أمنية وعسكرية، لإسرائيل وبعض دول الأطلسي لاستخدامها كمنصة تنصت وتجنيد ضده، فضلاً عن انتشار قوات بحرية” معادية” في قواعدها، جعلتها ساحة خلفية لأي عمليات إخلاء من لبنان، أو حتى قاعدة لوجستية لعدد من السفارات الغربية المتمركزة في بيروت.
    فمن قبرص تنطلق طائرات الإستطلاع التي تحلق فوق لبنان وسوريا لجمع المعلومات، فضلاً عن وجود إحدى أكبر وأهم قواعد التجسس على إيران والحزب، فوق أراضيها.
  • خلال السنوات ال ٨ الأخيرة، شهدت الجزيرة أربع مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الإسرائيلي، أخطرها التي حملت إسم “الشمس الزرقاء” التي جرت عام ٢٠٢٣، التي حاكت حرباً على لبنان، وفقاً لسيناريو مشابه جداً للوضع الحالي.
  • وجود مآخذ على الحكومة القبرصية واتهامات لها بمشاركة إسرائيل في سرقة الموارد الغازية اللبنانية، بتواطؤ كامل مع تل أبيب، بدليل عدم رغبتها حتى الساعة في حل النقاط الحدودية البحرية العالقة معها.
  • ملف النازحين السوريين، حيث تلعب الجزيرة خط الدفاع الأول عن أوروبا في مواجهة عمليات الهجرة غير الشرعية المنظمة المنطلقة من لبنان، والتي على الأقل تجري تغطيتها سياسياً من قبل الضاحية وحلفائها، وهو ما رأى فيه الحزب اضعافا لموقف لبنان “الابتزازي” تجاه أوروبا.
  • استقبال الجزيرة لعدد كبير من المستوطنين الإسرائيليين الذين فروا، على أراضيها بتمويل مباشر من الحكومة الإسرائيلية، حيث استثمارات رجال الأعمال اليهود تبلغ المليارات، في القطاع العقاري تحديدا، خصوصاً بعد أزمة الجزيرة الاقتصادية عام ٢٠١٠.
  • دور قبرص غير المباشر في ثورة ١٧ تشرين، حيث تحولت إلى محطة لاستقبال المساعدات القادمة إلى لبنان من بعض الدول، إضافة إلى استخدامها كمنصة لوسائل إعلامية تابعة للثورة، والأهم أن بنوكها تحولت إلى نظام مصرفي بديل عن النظام اللبناني المنهار، ما سمح لواشنطن الإمساك بشكل أكبر بعمليات تحويل الأموال التي كانت تستفيد منها حارة حريك.
  • وجود اتفاقيات تعاون وتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والقبرصية تثير الريبة والشكوك لدى الحزب حول توقيتها وأهدافها، وبعضها ذات طابع عسكري، على ما يردد مقربون من الضاحية.

وتابعت المصادر بأن رد الفعل الدولي على خطاب أمين عام حزب الله، سواء أوروبيا، الذي بلغ حد التهديد بإدراج الحزب على لوائح الإرهاب، واستعداد دول الإتحاد للدفاع عن قبرص ضد أي اعتداءات، فضلاً عن رد الفعل الأميركي الذي ترجم بخطوة عسكرية “ردعية”، خلال الساعات الماضية، دفعت بالحزب إلى إعادة حساباته من جديد.

من جهتها رأت مصادر لبنانية، أن الحكومة اللبنانية أثبتت مرة جديدة أنها حكومة ملحقة بالحزب، إذ بدل أن تستفيد من الفرصة الأميركية بتحييدها عن الصراع والتمييز بين بيروت وحارة حريك، يصر السراي على إدخال لبنان في ما لا شأن له به، معرضاً مصالح آلاف اللبنانيين للخطر.

اظهر المزيد

بيروت بوست

بيروت بوست، موقع إلكتروني مستقل يَرصُد جميع الأخبار السياسية، الفنية والرياضية في لبنان والشرق الاوسط والعالم، بالإضافة إلى تحليل الأحداث المحلية والإقليمية...

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى