واشنطن – خاص بيروت بوست
لعلها الكلمة الأهم التي يمكن أن يدلي بها الشيخ نعيم قاسم بوصفه أمينًا عامًا لحزب الله، إذ أتت في إطار تفصيل محور إطلالته الأولى، يوم تحدث عن السير على درب السيد حسن نصر الله، وهو بالضبط ما ترجمه خطابه بالأمس.
فالرسائل التي توجه بها للداخل والخارج لم تحمل شيئًا جديدًا، بل جاءت تردادًا لكلام اعتاد اللبنانيون سماعه، دومًا وتكرارًا، قولًا وفعلًا، وما النقاط الأربع التي بنى عليها البعض نظريات ونسج حولها سيناريوهات، سوى تأكيد لمن يريد أن يسمع أن حزب الله استعاد توازنه بالكامل وعاد إلى سابق عهده، وبالتالي، على الجميع أن يكون حاضرًا للعودة إلى حيث توقف الزمن عشية الثامن من تشرين الأول ٢٠٢٣.
مناسبة هذا الكلام ناتجة عن تشريح النقاط الأربع التي وردت في آخر كلامه، بعد جمعها وفرزها وضمها ووضعها في سياق المسار العام للحزب ليتبين التالي:
إن حزب الله أعاد العمل بمعادلته السابقة، لجهة احتكاره السلاح، مقدماً جزرة للسنة، عنوانها التمسك بالطائف وعدم السعي لتغييره، والأصح، وهو ما ستبينه الممارسة، إعادة إحياء اتفاق الدوحة بثلثه المعطل، وجزرة أخرى للمسيحيين، عند حديثه عن تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، كل ذلك بهدف العودة إلى تكريس ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة. وهنا للتذكير فإن سماحته يدرك جيداً بالتأكيد، النقمة المسيحية – السنية في الشارع، نتيجة احتكار رئيس مجلس النواب للتفاوض، و”سلطته” على صلاحية تعود للحكومة مجتمعة في ظل شغور رئاسي كرسه الثنائي، وفقاً لرأي مصادر سياسية.
وعليه فإن ما أعلنه الأمين العام واضح كالشمس، العودة إلى المعادلات السابقة في حكم البلد، ما يعني حكماً تطبيقاً “معوجاً” للـ 1701، وبالتالي حرباً جديدة بعد خمس أو عشر سنوات، في حال أبصر الاتفاق مع إسرائيل النور، وهو أمر مستبعد.
ولكن هل الأمور بهذه البساطة؟
تجزم مصادر أميركية بأن ما كان قبل ٨ تشرين لن يكون بعده، وما كان صالحًا مع الديمقراطيين لن يكون مع الجمهوريين. فموقف الرئيس دونالد ترامب وإدارته معروف وواضح وأبلغ لمن يعنيهم الأمر، وخلاصته “لبنان من حصة واشنطن بالكامل، وسيدخل مسار الازدهار والتطور في المنطقة، أي سيكون جزءًا أساسيًا من خطة ٢٠٣٠، وبالتالي ورشة الإعمار، سترافقها ورشة بناء لكل مؤسسات الدولة دون استثناء من رأس الهرم في رئاسة الجمهورية إلى قاعدته، على قواعد المحاسبة والشفافية والنزاهة، بعيدًا عن الفساد والسرقة ومنطق الصفقات.
وتتابع المصادر بأن البداية ستكون من رئاسة الجمهورية، وإذا كان ثمة في لبنان من يعتقد بإمكانية وصول رئيس من الثامن من آذار، أو يحمل هوى هذا الفريق فهو واهم، فالرئيس القادم سيشكل ضمانة باسمه وشخصه ومؤهلاته للإشراف على ورشة إعادة البناء على كافة المستويات، بما فيها تطبيق القرارات الدولية وإنجاز بناء الدولة المستقلة حيث حصرية السلاح لها وحدها.
بناءً على كل ما تقدم، الحرب طويلة، وعلى كافة المستويات، قد تتخللها هدن متفرقة، إلا أن النهاية لا تزال بعيدة، بحسب ما أوحى به الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين، فهذه المرة غير كل المرات.