هذه حقيقة وقف النار من طرف واحد
ميشال نصر
لم يكد الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين يغادر تل ابيبن وقبل ان يتواصل مع القيادة في بيروت لابلاغها بنتائج زيارته، حتى جاء الجواب سلسلة انذارات، مع ساعات الفجر الاولى، لحقتها غارات عنيفة، دمرت عشرات المباني، ليترجم بالوقائع اجواء الاجتماعات الاميركية – الاسرائلية، والمفاوضات التي خاضها الفريق الاميركي، من موقف ضعيف، على ماتبينه مجريات الاحداث.
واشارت المصادر الى ان الوسيط الاميركي كان ابلغ احد الاصدقاء في بيروت، ان مهمته دونها الكثير من العقبات، لذلك لا بد من ان يحمل معه ورقة تسهل عليه التفاوض، في ظل الرفض اللبناني الكامل “للمطالب الاسرائيلية”، “مستوضحا” ما اذا كان يممكنا ان تعلن بيروت وقفا مؤقتا لاطلاق النار من جانب واحد، يعطيه هامشا من المناورة، الا ان “الصديق” ابلغه ان العرض مرفوض بالمطلق وغير قابل للنقاش، في ظل التطورات الميدانية التي تفرض ايقاعها، خصوصا على محور الحمامص- الخيام، اذ لن يسمح لاسرائيل بالتقاط انفاسها وتعزيز قواتها.
ورات المصادر ان المشكلة الاساسية في التفاوض تتمحور حول عدم وجود ثقة بالطرف اللبنانين وبالتزاماته، وهي نقطة مشتركة بين الاميركيين والاسرائيليين، ذلك ان التوازنات السياسية الحالية لا يمكنها باي شكل من الاشكال تامين تنفيذ جدي وصريح للقرار 1701، بدليل ان رئيس مجلس النواب “مصر” على تطبيقه وفقا “لقراءته”، وهي بعيدة تماما عن روح النقاشات التي رافقت صدور القرار، وكذلك عن نصه الصريح والواضح، والذي تم التغاضي عن “الاستثناءات” التي طالبت بها السلطة اللبنانية، طوال السنوات الماضية، تحت مسميات، السلم الاهلي والتوازنات الداخلية، وهو ما اوصل الاوضاع الى ما وصلت اليه.
وكشفت المصادر في هذا الخصوص، ان واشنطن عرضت على تل ابيب مسودة تفاهم ثنائي بينهما، يضمن التطبيق “الحرفي والدقيق والصارم” للقرار، من خلال لجنة تشرف على الآلية التنفيذية التي ستعتمد، مشكلة من دول “ترتاح لها اسرائيل”، تمنح الصلاحيات الكاملة والواسعة، بما فيها زيارة المواقع التي تدور شبهات حولها، وثانيا، اعطاء الغطاء الكامل للجيش الاسرائيلي للتحرك على الجبهة اللبنانية بدعم كمل من الحلفاء، دون اي قيود، في حال استمرار الخروق للقرار، سواء في منطقة جنوب الليطاني، او شمالها، تحديدا عند الحدود مع سوريا، حيث مبرر “الفلتان”، (واشنطن غير مقتنعة به وفقا لصور الاقمار الاصطناعية والمعلومات الاستخباراتية التي تملكها، على ذمة المصادر)، عدم وجود الامكانات اللوجستية والعناصر البشرية الكافية، رغم ان بريطانيا والمانيا تعهدتا برفع نسبة المساعدة في هذا المجال، كما تعهد الاردن بسرعة تزويد الجيش اللبناني بالمعدات المطلوبة من مخازنه.
الا ان هذا الاقتراح جوبه برفض اسرائيلي، على ما تقول المصادر، في ظل تاكيد رئيس الحكومة الاسرائيلية على ان تل ابيب مصرة على انجاز المهمة بنفسها، مستندا الى ان مواقف الفريق اللبناني المفاوض “متناقضة ومتعارضة”، وهو امر كفيل بتفجير اي اتفاق، في وقت لن تسمح فيه تل ابيب “بنسف انجازاتها التي حققتها”، على ما اشار هوكشتاين في تقريره الذي رفعه للبيت الابيض.
ازاء هذا الواقع، ابلغ المعنيون في الادارة الاميركية، من تواصل معهم من شخصيات لبنانية، بالاستعداد لفترة صعبة وطويلة ستتخطى حتما تاريخ الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني، خصوصا مع عودة طهران الى الساحة، وحديثها عن تحضيرها لرد لن يكون من اراضيها، وهو ما سيكون له تداعيات سلبية جدا على الجبهة اللبنانية، علما ان الجانب الروسي ابلغ الاسرائيليين انه لن يسمح باي جر للجبهة السورية الى المواجهة، وبالتالي تمديد التفويض المعطى لسلاح الجو الاسرائيلي فوق الاراضي السورية.