نصرالله يصعد: حرب دولية لا اقليمية…. الهدف قبرص وما بعد بعدها

يبدو أن حزب الله، ومن خلفه، قرر الهروب إلى الأمام، رافعاً سقف المواجهة لما بعد بعد بعد تل أبيب، من نيقوسيا إلى واشنطن، ذاهبا أبعد من طهران التي هددت بحرب إقليمية، معطيا “صبغة دولية” للنزاع الذي قد ينفجر في أي لحظة.
فحارة حريك التي لم تتأخر منذ الأربعاء، في الرد بداية، سياسيا، عبر الرد الذي سمعه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين من رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي جاء حاسما، غير قابل للنقاش، ما دفع إلى انتهاء اللقاء بعد ١٥ دقيقة من بدئه، تزامناً عسكريا، مع تصعيد ميداني على الجبهة الجنوبية، أقفل مشهده مساءاً على “فيلم الهدهد”، الذي “زاد الطين بلة”، في استراحة لساعات، خرج بعدها أمين عام الحزب “بالكلام الفصل”.
مصدر متابع، لإطلالات السيد نصرالله، توقف عند أهم النقاط التي وردت في كلامه، والتي تصب كلها في خانة الحرب، استناداً إلى:
- إشارته لأول مرة أن احتمال الإنزلاق إلى حرب كبرى وارد في أي لحظة، ناصحاً “أهل الخير” بالتوسط ليس مع لبنان، إنما مع إسرائيل، لوقف حربها على غزة، فتقف حينها حروب الاسناد على كل الجبهات.
- إيحاءه بتحول جبهة الجنوب إلى جبهة رئيسية، بدليل الإهتمام الدولي والإقليمي بتطور الأحداث عند الخط الأزرق، بعدما باتت حرب طوفان الأقصى تفصيلاً لا أكثر ولا أقل، خصوصاً في ظل المعلومات عن قرب انتهاء العمليات العسكرية في رفح وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي “نصرا جزئياً” على حماس، مطلع تموز.
- تأكيده على جاهزية الحزب عدة وعديدا. فعلى صعيد السلاح بشر السيد بأن أسلحة جديدة وصلت إلى مقاتليه، فكل مافي إيران بات في لبنان وأكثر، بعد فشل كل محاولات إسرائيل عرقلة طريق الإمداد البري، عبر استهداف قوافل السلاح من سوريا، فضلاً أن نجاح الحزب في تطوير ترسانته من صواريخ ومسيرات محليا، وهو ما يؤكد الاتهامات الأميركية السابقة عن وجود معامل للسلاح في لبنان.
اما بشريا، فقد أشار إلى أن الحزب يملك ما يكفي ويزيد لخوض تلك الحرب، من هنا فلا حاجة لأي دعم بشري بالمقاتلين من قبل الحلفاء في المحور، وبالتالي قد يكون بهذا التصريح قد أراح طهران.
يضاف إلى كل ذلك احداثيات دقيقة لبنك كبير من الأهداف الاستراتيجية، الكفيل تدميرها بضربات نوعية قد تكون كافية لإسقاط “الكيان”.
- كشفه على الجاهزية الكاملة لخوض الحرب، بحرا، عبر استخدام صواريخ أرض-بحر المتطورة، وعناصر الضفادع البشرية القادرة على التسلل إلى الداخل عبر البحر، بريا، حيث اقتحام الجليل مطروح جدا، وبالتالي نقل المواجهات إلى داخل المستعمرات، وجوا، عبر منظومات الدفاع الجوي القادرة على اسقاط المقاتلات، والتي ترجح التقارير الاستخباراتية انتشارها في جال السلسلتين الغربية والشرقية، فضلاً عن المسيرات بأنواعها المختلفة.
- اعتباره أن هذه الحرب ستكون دون ضوابط وبلا قواعد ولا سقف أو محرمات، حيث سيكون المدنيون أهدافاً مباحة، وكذلك خزانات الأمونيا وما قد تسببه من كارثة، وهي أسباب كافية لدخول واشنطن الحرب إلى جانب اسرائيل.
- أما مفاجأة كلمته، وأخطر ما ورد فيها، فتمثل في هجومه على قبرص، وتهديده بإشعال المتوسط، في رسالة واضحة إلى كل من واشنطن ولندن وباريس، التي تولت صد الهجوم الإيراني على إسرائيل قبل حوالي الشهرين. في كل الأحوال ففي تهديده هذا اسقط الطابع الإقليمي للصراع ليضفي عليه طابعاً دوليا، محرراً طهران مرة جديدة من التزاماتها.
مصادر دبلوماسية رأت أن سلوك حزب الله الميداني وما أظهره من قدرات، دفع إلى الجزم بأن العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة باتت مستحيلة، دولياً كما إسرائيليا، خصوصاً في ظل تطور منظومات الحزب من مسيرات على أنواعها، انقضاضية وهجومية واستطلاعية، من جهة، ونشره لمنظومة دفاع جوي تشكل خطراً جدياً على القدرات الاستطلاعية فوق الأراضي اللبنانية أيا كانت هويتها.
وفيما اختصرت أوساط دبلوماسية أميركية ردها بالتأكيد أن الأمور تبقى مرهونة بوقتها، معيدة التأكيد على أنه ليس من مصلحة لبنان دخول أي حرب والانجرار وراء حسابات الحزب، أكدت مصادر أوروبية أن أمين عام حزب الله ارتكب خطأ كبيراً بتهديده لقبرص، نتيجة ما سينتج عن ذلك من أزمة في العلاقات بين بيروت ونيقوسيا، فضلاً عن أن قبرص دولة عضو في الإتحاد الأوروبي، وتربطها اتفاقيات عسكرية بعدد من دول حلف الأطلسي، منها اليونان وبريطانيا، التي تملك أحد أكبر قواعدها على الجزيرة، وهذا ما سيجعل هذه الدول منخرطة في مواجهة مع الحزب في حال تعرض قبرص للهجوم.
واضح أن الحزب بات جاهزاً لمواجهة أصعب الأوضاع في الأيام القادمة، وأنه قد اتخذ كل ما يلزم من اجراءات في سبيل ذلك، على ما أكد الأمين العام، ولكن ماذا عن ظروف “المقاومة والصمود الشعبيين”؟ وماذا عن الأجواء “المحقونة”، ووجود أكثر من مليوني نازح سوري، وما قد ينشأ من احتكاكات في حال النزوح؟ وهل سلم الحزب بمعادلة هوكشتاين التي فصل فيها بين الدولة وحزب الله؟
الاسئلة كثيرة إلا أن الأهم يبقى أن الجرعة المعنوية العالية التي” أخذها” جمهور الحزب ومن يدور في فلكه، واضحة على وسائل التواصل الإجتماعي المعبر عنها بحملات تخوين وترهيب وترغيب.