سياسةمختارات

من الشراكة الى الاشتباك… هل أعلن “الحكيم” العصيان على العهد؟

خاص- بيروت بوست

منذ اللحظة الأولى لوصوله إلى بعبدا، حاولت معراب الحفاظ على علاقة متوازنة مع عون، مستندة إلى قناعة ثابتة بأن الرجل، الذي فرض على الطبقة السياسية، قد يشكل فرصة لترميم التوازن داخل الدولة وإعادة الاعتبار للدور المسيحي في الحكم.

لكن سرعان ما بدأت التباينات تطفو إلى السطح، فالقوات تعتبر أن الرئيس عون، يحجم عن اتخاذ مواقف حاسمة من قضايا تمس جوهر السيادة ودور الدولة في ظل تطورات الشرق الاوسط الجديد.
من هنا، جاءت تصريحات جعجع الأخيرة لتعيد فتح النقاش داخل البيئة المسيحية: فهو وجه نقدا غير مباشر للرئيس، محملا الدولة مسؤولية ما وصفه بـ”التردد في اتخاذ المواقف المصيرية”، في إشارة واضحة إلى أداء بعبدا.

في العمق، يعكس “هجوم الحكيم” على رئاسة الجمهورية والحكومة، شعورا متناميا بالقلق داخل القوات من تقلص هامش المناورة في المشهد السياسي، وخصوصا بعد أن فقدت “المعارضة التقليدية” القدرة على فرض أجندة تشريعية أو انتخابية في ظل توازنات جديدة داخل مجلس النواب، من هنا جاء تصعيد معراب كخطوة تكتيكية تهدف إلى استعادة المبادرة وتحشيد القواعد المسيحية.

فالقوات اللبنانية، تدرك أن أي تعديل انتخابي أو نقاش حول اقتراع المغتربين أو الدوائر النيابية لن يتم بمعزل عن الرئاسة، وأن رئيس الجمهورية، بحكم موقعه، هو المرجع الدستوري الذي يملك صلاحية المبادرة والتوقيع، لذلك، فإن تصعيده ضد الرئيس ليس إلا محاولة لفرض “شراكة إلزامية” تحت الضغط الإعلامي، بعدما فشل في ترجمة هذه الشراكة سياسيًا داخل المؤسسات.

تؤكد مصادر قواتية مطلعة أن الاختلاف بين معراب وبعبدا لم يعد سرا ولا تفصيلا عابرا، بل تحول إلى تباين في المقاربات تجاه أكثر من ملف جوهري  وحساس، حيث تختلف القوات مع رئاسة الجمهورية حول أسلوب إدارة المرحلة، معتبرة أن التردد وغياب الحسم في القرارات المصيرية يضعان البلاد على مسار خطر، ويبددان ما تبقى من فرص إنقاذ.

لهذا، تتابع المصادر، لم يتردد “الحكيم” في دق جرس الإنذار علنا، محذرا من أن استمرار النهج الحالي سيقود إلى مزيد من الانهيار وفقدان الثقة الداخلية والخارجية.

وتضيف المصادر، أنّ “الحكيم” سبق أن حذر مرارا من انتهاء فترة السماح الدولية الممنوحة للبنان مع نهاية العام الحالي، في ظل انتظار المجتمع الدولي إصلاحات جدية قبل أي دعم فعلي، غير أن السلطة، تواصل سياسة المراوحة، وتحرم اللبنانيين من فرصة تاريخية لبناء دولة فعلية تستعيد ثقة العالم.

وتختم المصادر إلى أن القوات لا يمكنها أن تبقى متفرجة على الانهيار أو شريكة في الصمت عنه، خصوصاً أنها منحت الحكومة أكثر من فرصة، وقدمت دعماً سياسياً من رصيدها لإتاحة المجال أمام الإصلاح.

صبر، كما تقول المصادر، له حدود، ومن غير الممكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، فجلسة مجلس الوزراء المنتظرة يوم الخميس المقبل ستكون محكا حقيقيا للعلاقة بين معراب وبعبدا، وربما لحسم اتجاه المرحلة المقبلة.

في النتيجة، العلاقة بين الطرفين دخلت مرحلة “التنافس الهادئ” لا صدام مباشر، ولا تنسيق فعلي. فسمير جعجع يسعى لشد القاعدة المسيحية حول خطابه السياسي الواضح، فيما يحاول جوزاف عون أن يحافظ على تموضعه دون أن يخسر دعم معراب.

ومع اقتراب الاستحقاقات المقبلة، في مقدمتها الانتخابات النيابية المحتملة، يبدو أن هذا التوازن الهش سيتعرض لاختبارات متلاحقة، قد تحدد إن كان الطرفان يسيران نحو تفاهم صامت …. أم نحو مواجهة سياسية مؤجلة ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى