
خاص – بيروت بوست
في خطوة لافتة تكشف عمق الأزمة التي يعيشها القطاع المصرفي، أصدر مصرف لبنان في 27 تشرين الأول 2025 تعميماً جديداً يُعيد رسم حدود اللعبة المالية للمصارف، عبر منعها من احتساب قيمة محفظتها من سندات اليوروبوندز ضمن نسبة السيولة الخارجية المطلوبة.
اجراء، وإن بدا تقني في ظاهره، إلا أنه يحمل أبعاداً مالية عميقة، إذ يهدف إلى تشديد الرقابة على نوعية السيولة التي تمتلكها المصارف، وضمان أن تكون مؤلفة من أموال نقدية فعلية أو أصول سريعة التسييل، لا من سندات فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها منذ إعلان الدولة اللبنانية تخلّفها عن السداد في عام 2020.
مصادر مالية رأت ان التعميم يضرب عصفورين بحجر واحد: فمن جهة، يمنع المصارف المتعثرة عن بيع اليوروبوندز بأسعار بخسة لتغطية نقص السيولة، ما قد يؤدي إلى مزيد من الضغط على السوق الثانوية لهذه السندات، ومن جهة أخرى، يفرض على المصارف الملتزمة بنسب السيولة القانونية أن توجه عائدات أي بيع محتمل حصراً نحو تمويل سحوبات المودعين “الفريش” أو تغطية حاجاتها التشغيلية المشروعة، وليس لتمويل مصاريفها الداخلية أو سدّ عجزها.
عملياً، يظهر أن مصرف لبنان يسعى من خلال هذا القرار إلى حصر تدفق الدولار الفعلي في شرايين الاقتصاد الحقيقي بدل أن يظل محبوساً في دفاتر المصارف أو يُستخدم لتلميع ميزانياتها. لكن في المقابل، يثير التعميم تساؤلات حول قدرة بعض المصارف على الاستمرار ضمن هذه القيود الصارمة، في ظل واقع مالي لا يزال هشّاً، وثقة مصرفية لم تُرمَّم بعد.





