خاصأمن وقضاءإقليميدوليسياسةنزاعات وصراعات

مؤتمر “حل الدولتين” وتفجير لبنان

خاص – بيروت بوست

شكل مؤتمر “حلّ الدولتين” حدثا مفصليا حمل في طيّاته دلالات تجاوزت الإطار الفلسطيني – الإسرائيلي التقليدي، لتشكّل منصة دولية لإعادة رسم خريطة النفوذ، ضبط توازنات القوة، وفرض معادلات جديدة على القوى الفاعلة، الإقليمية منها والدولية، اذ جاءت عملية إعادة إحياء هذا الطرح في هذا التوقيت، بعد ما تشهده فلسطين من حرب مفتوحة في غزة ونزف مستمر في الضفة، الى استهداف قيادات حماس خارج فلسطين، وما بينهما من عمليات طالت العمق الإيراني، كمحاولة فرنسية – سعودية، لاحتواء تداعيات الانفجار الإقليمي ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة كبرى.

 من هنا يشكل الصراع بين باريس وواشنطن، حول “حل الدولتين” تجلياً جديداً للتنافس الاستراتيجي بين واشنطن وباريس على النفوذ في الشرق الأوسط، في لحظة إقليمية دقيقة تتقاطع فيها ملفات النزاع العربي – الإسرائيلي مع تحولات كبرى في موازين القوى الدولية. ففي حين تسعى واشنطن إلى تثبيت رؤيتها الأحادية لحل هذا النزاع عبر رعاية تحفظ أمن إسرائيل وتعيد ضبط خارطة النفوذ، ترى فرنسا في هذا الملف فرصة لإعادة تكريس دورها التاريخي كوسيط فاعل ومتوازن، يوازن بين الشرعية الدولية وحقوق الفلسطينيين.
تباين يعكس جوهر الصراع بين منطق “الواقعية الأميركية” التي تركّز على الأمن الإسرائيلي، ومنطق “التعددية الفرنسية” التي تراهن على أطر دبلوماسية دولية أوسع تشمل أوروبا والعرب.

التاثير على لبنان

دينامية انعكست بشكل مباشر على ساحات أخرى، حيث يُطرح لبنان كواحد من أبرز المتأثرين بهذه المبادرة، ليس فقط لقربه الجغرافي من فلسطين، بل لأنه يشكل إحدى الساحات الأساسية في الاشتباك المباشر مع إسرائيل، في ظل الحساسية الداخلية المرتبطة مباشرة بقضية حصر السلاح، بالوجود الفلسطيني، وبتوازنات الحكم، وبالتالي، فإن أي تغيير في قواعد اللعبة الإقليمية لن يمرّ دون أن يُلامس العمق اللبناني، سياسياً وأمنياً واقتصادياً.

عليه يكتسب هذا المؤتمر أهميته الاستراتيجية بالنسبة للبنان، من بوابة فهم كيف يمكن لهذا الطرح أن يُستخدم كرافعة دولية لتكريس مشاريع حصر السلاح، أو إعادة ترتيب الجبهة الجنوبية، أو حتى إدخال لبنان في صفقات إقليمية كبرى تُطبخ على نار المصالح لا المبادئ، وحيث يشكل موقع لبنان في أي تسوية إقليمية جزءاً من لعبة الكباش بين القوى الكبرى، ما يجعل من هذا الصراع الأميركي – الفرنسي عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل الدور اللبناني ضمن معادلات ما بعد المؤتمر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى