
خاص – بيروت بوست
يقف لبنان اليوم على مفترق حساس من تاريخه السياسي والأمني، في وقت تتجه فيه الأنظار الإقليمية والدولية نحو مفاوضات شرم الشيخ، بين اسرائيل وحماس، برعاية اميركية – مصرية، والتي يُنتظر أن تشكّل محطة مفصلية في مسار التسويات المرتبطة بالشرق الأوسط، من غزة إلى بيروت مروراً بدمشق وطهران.
فالمشهد الإقليمي بعد اتفاق غزة واستئناف الاتصالات الأميركية – العربية – الإسرائيلية، يضع لبنان في دائرة التأثر المباشر، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن ضرورة ضبط الجبهة الجنوبية، وحصر السلاح بيد الدولة، وإطلاق مرحلة جديدة من الهدوء على الحدود ضمن إطار تفاهمات أوسع ترعاها القاهرة وواشنطن.
مفاوضات تاتي في لحظة دقيقة بالنسبة للبنان، الذي يعيش أزمات متشابكة، من وضع اقتصادي منهك، ينتظر الافراج عن المساعدات ومؤتمرات الدعم، وانقسام سياسي حول موقعه من الصراع الإقليمي، في وقت يرى فيه البعض أن مباحثات شرم الشيخ قد تفتح نافذة حلّ لمعضلات البلد الأمنية والاقتصادية عبر تثبيت الاستقرار وتحرير المساعدات الدولية، فما يخشى آخرون، أن يكون لبنان ورقة على طاولة المقايضات الكبرى، يُستخدم لتكريس توازنات جديدة بين المحورين المتصارعين في المنطقة.
من هنا، يترقّب اللبنانيون ما ستسفر عنه مفاوضات شرم الشيخ، ليس فقط في ما يتعلق بمستقبل الجنوب وحدود القرار 1701، بل أيضاً بما يمكن أن ينتج عنها من ترسيم غير معلن للنفوذ الإقليمي، قد يطال موقع لبنان في المعادلة بين واشنطن وطهران، ودوره في منظومة الأمن العربي المقبلة. فهل يحمل شرم الشيخ للبنان بداية مرحلة استقرار سياسي واقتصادي، أم مقدمة لتسوية إقليمية تُرسم على حسابه؟
لكن ما هي مصالح الفاعلين الرئيسيين وتأثيرها على لبنان؟
– الولايات المتحدة: تريد تثبيت هدنة واستقرار إقليمي قابل للتسويق سياسياً، حيث يمكن أن تصعد ضغوطها على السلطة لتقليص دور الفصائل المسلحة المختلفة من لبنانية وغير لبنانية، والدفع لاتخاذ خطوات واضحة لضبط الحدود.
– مصر وقطر وتركيا: بوصفهم وسطاء أساسيون، لكل منهم حساباته: مصر، تركّز على الاستقرار الحدودي وفتح المعابر، قطر، على دورها في ملف الأسرى والاغاثة، وتركيا، تلعب دورًا دبلوماسيًا مع حماس. عليه فان وجودهم في شرم الشيخ يزيد احتمالات التوصل لتوافقات إقليمية تؤثر على لبنان، تحديدا في ملف الفصائل الفلسطينية.
– حزب الله: مصلحته الحفاظ على قدرة ردع ضد إسرائيل واحتفاظه بسلاحه كأداة سياسية واستراتيجية، حيث ان موقفه الرافض لتسليم سلاحه قد يشكّل عامل مقاومة لأي ضغوط خارجية أو داخلية.
– الدولة اللبنانية: تسعى لتثبيت ما تعتبره سلطة الدولة واحتكار القوة، وفقا لمفهومها، بقرار ضعيف، موارد محدودة، ونفوذ دولي متقلب، حيث ان أي “صفقة إقليمية” قد تضغط عليها سياسياً أو تفتح نافذة للمساعدات إذا بَرَزت خطوات عملية لضبط السلاح.
اسرائيل: احتمال أن تستخدم ملف لبنان كساحة مقايضة، بهدف إعادة توزيع مراكز النفوذ، ما قد يضع السلطة اللبنانية تحت ضغوط للتسوية المباشرة، مع تنازلات سياسية وأمنية، لن تكون واشنطن بعيدة عنها.