
الرجل الذي أضحك اللبنانيين كثيرا لعقود طويلة أبكاهم أكثر في وداعه. والملحن الذي ألف أحلى الالحان وأعذبها عزف اليوم لحنه الأسود الأخير. زياد الرحباني في مماته يشبه تماما ما كان عليه في حياته.
فالرجل الذي لم يعرف يوما الهدوء والاستكانة، لم يختلف في يومه الاخير على الارض عن ايامه الاخرى. من الحمرا الى المحيدثة وصولا الى شويا فجر الفنان المتمرد حالات حب ووفاء غير مسبوقة في الساحات وعلى الطرقات وفي العيون والقلوب. فمن يعرفه عن قرب، ومن لا يعرفه الا من خلال اعماله، شعر وهو يودعه انه فقد جزءا من روحه، جزءا من ماضيه، جزءا من ذاكرته. لذا تحول مأتم زياد مأتما شعبيا جماهيريا بكل معنى الكلمة، بعدما اصر زياد ان يردد حتى الممات اغنية: ” انا صار لازم ودعكن” …
وكما في الفن كذلك في السياسة. فزياد غادر، لكن سؤاله المحفور في الاذهان بقي ايضا مغروزا في يوميات اللبنانيين. فـ “بالنسبة لبكرا شو” عبارة يرددها جميع اللبنانيين تقريبا، لانهم يشعرون انهم متروكون لقدرهم، وان السلطة الجديدة التي علقوا امالا كبيرة عليها تكاد تفقد لبنان فرصة ذهبية للخروج من مآزقه الكثيرة.
وفي السياق اشارت معلومات واردة من واشنطن إلى أن الادارة الاميركية تؤكد انه لا يمكن ان تدعم حكومة او سلطة تتعايش مع ميليشيا، لذلك تعتبر ان المطلوب هو تنفيذ فوري لمبدأ نزع السلاح غير الشرعي.
فالوقت ينفد والخيارات تضيق، فإما ان تبادر الحكومة واما فان لبنان آيل الى العزلة او السقوط. فماذا سيكون خيار المسؤولين اللبنانيين؟ هل يواصلون تأرجحهم بين التردد والتباطوء، ام يتخذون القرار المطلوب حتى لا يتحول لبنان بفضلهم دولة فاشلة ومعزولة ومنسية على خريطة العالم؟
(ام.تي.في)