رسالة اسرائيلية لواشنطن من الجنوب

خاص – بيروت بوست
عشية اجتماع لجنة “الميكانيزم” ووصول “المسؤولة” الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت، جاء التصعيد العسكري الإسرائيلي على الحدود الجنوبية ليشكل محطة خطيرة تعكس عمق التوتر الاستراتيجي الذي يسبق أي محاولة لترتيب الأوضاع في الجنوب اللبناني ضمن أطر أمنية دولية.
ففي الوقت الذي تتكثف فيه المساعي الأميركية والدولية لاحتواء التصعيد المستمر تظهر تل أبيب إصراراً على فرض وقائع ميدانية جديدة، تجعل من أي نقاش حول مستقبل الوضع الحدودي مفخخاً بميزان قوى عسكري ضاغط، لا يمكن فصلها عن محاولة توجيه رسائل مباشرة لعدة أطراف:
-الولايات المتحدة الاميركية، بأن تل أبيب لن تقبل بأي تسوية لا تتضمن نزع التهديدات على حدودها الشمالية بشكل جذري
– حزب الله، بأن أي تموضع جديد في الجنوب لن يمر بلا تكلفة، خصوصا، تقارير غربية تحدثت عن “نشاط غير عادي” لحزب الله قرب الحدود، ما دفع بالجيش الاسرائيلي الذى رفع درجة تاهب قواته على الحدود الشمالية لاول مرة منذ سريان وقف اطلاق النار، وسط مخاوف من احتمال تنفيذ الحزب “لعمل ما” عشية الذكرى الاولى لاغتيال امينيه العامين.
-الدولة اللبنانية، بأن أي تهاون في خطة حصر السلاح ستكون له تبعات أمنية ميدانية خطيرة، وسط قناعة أميركية – اسرائيلية، بان خطة اليرزة لحصر السلاح، لا تعدو كونها مناورة لربح الوقت، تحديدا بعد تصريح اليونيفيل بان الجيش يمسك كل منطقة الجنوب باستثناء النقاط الخمس، فيما تتحدث الحكومة عن ٨٥ الى ٩٠%، فيما الجيش يطلب ٣ أشهر لاتمام مهمته جنوب الليطاني.
كما أن التوقيت المتزامن مع وصول أورتاغوس يعكس سعياً إسرائيلياً للتأثير في المداولات الأميركية -اللبنانية، ولدفع واشنطن إلى تبني وجهة النظر الإسرائيلية بشكل أكثر صرامة.
وعليه، فإن هذا التصعيد لا يمثل مجرد رد فعل ميداني، بل يأتي في سياق استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى إعادة ترسيم قواعد الاشتباك، وكسر أي أفق لتوازن ردع محتمل، بالتوازي مع تعطيل المسار السياسي الذي تسعى إليه واشنطن عبر لجنة “الميكانيزم”، تمهيداً لفرض ترتيبات أمنية تخدم أولويات إسرائيل، حتى وإن أدى ذلك إلى تفجير الوضع الميداني.
وفي هذا الاطار جددت مصادر دبلوماسية تذكيرها بضرورة تحويل الوعود والأقوال إلى أفعال، فالوعود الحكومية لاقت ترحيباً ودعماً عربياً ودولياً لكن الأهم يبقى في التنفيذ دون أي مماطلة أو عرقلة او رهان على عامل الوقت، ففرض السيادة وحصر السلاح بلا جدول زمني يعني أن خطط إعادة الإعمار ستكون بلا نتائج ملموسة.