
ديفيد شينكر،
يتمثل الهدف الرئيسي لإسرائيل بدفع “قوة الرضوان” – وحدات النخبة في حزب الله- بعيداً عن الحدود. فمنذ تشرين الأول، عندما كثّف حزب الله هجماته على طول الحدود، استهدفت إسرائيل على وجه التحديد عناصر الحزب ومقراته في جنوب لبنان وسهل البقاع، ما أدى إلى خسائر تقدر بحوالي ثلاثة مليار دولار. وكما هو الحال في إسرائيل، فر أكثر من مئة ألف لبناني من منازلهم، دون ان يتسبب ذلك حتى الساعة بأي ضغوط منسقة داخل بيئته تدفعه لإنهاء التصعيد.
فالحزب ينظر إلى إسرائيل على أنها منقسمة وضعيفة نظراً لعدة عوامل: تداعيات حرب غزة، الاحتجاجات الداخلية على مشروع تجنيد “الحريديم”، الانقسامات الملموسة مع واشنطن، زيادة العزلة على الساحة الدولية، وهشاشة التحالف الحكومي، ما جعل من حزب الله وإيران راضيين عن الوضع الحالي. مع الإشارة إلى أن توسيع الحزب تهديداته لتشمل قبرص، ينبئ بتخطيطه لمهاجمة التجارة في البحر الأبيض المتوسط كما يفعل الحوثيون في البحر الأحمر.
بناء على ما تقدم، يعتمد نجاح الجهود الدبلوماسية الأميركية في لبنان على ما سيحدث بعد إعلان إسرائيل نهاية “العمليات القتالية الكبرى” في غزة، إذ من غير المرجح التوصل إلى وقف رسمي لإطلاق النار مع حماس. فهل سيكون التخفيض غير الرسمي للعمليات الإسرائيلية في غزة كافياً لكي ينهي حزب الله حملته في الشمال؟ وهل سيكون مستعدا للتراجع إلى ما بعد نهر الليطاني؟
من هنا، سوف تؤثر القضايا الأخرى المثيرة للجدل على الدبلوماسية أيضاً. ولعل أبرز هذه التحديات هو “قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان” (اليونيفيل)، التي ظلت لفترة طويلة بمثابة آلية مراقبة غير فعّالة ومن غير المرجح أن تتحسن، إضافة إلى أن نشر الجيش اللبناني في الجنوب لن يساعد كثيراً أيضاً. فلدى الجيش اللبناني تاريخ من التواطؤ مع حزب الله وعرقلة قوات اليونيفيل، ولن يعمل أبدا ضد مصالح حزب الله.
فإذا اندلعت حرب أوسع نطاقاً، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم إسرائيل بالذخائر والمعلومات الاستخبارية. كما سيتعيّن عليها أيضاً مساعدتها على مواجهة الزيادة المحتملة في هجمات الحوثيين بالصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية.
ديفيد شينكر
مدير “برنامج ليندا وتوني روبين حول السياسة العربية”، ومساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى.