خاص – بيروت بوست
ألقى أمس الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خطابًا بارزًا تزامن مع إحياء ذكرى مولد السيدة فاطمة الزهراء، حاملاً رسائل سياسية واستراتيجية دقيقة تتجاوز الطابع الديني للمناسبة.
فقد جاء الخطاب في وقت تشهد فيه الساحة اللبنانية ضغوطًا متصاعدة من الولايات المتحدة وإسرائيل حول ملف السلاح، في وقت تحاول بعض القوى السياسية فرض سيادة الدولة على كل المؤسسات العسكرية. وقد
ففي خطابه ركز الشيخ نعيم قاسم على تجديد موقف الحزب الرافض لأي مسعى لنزع السلاح، معتبرًا أن هذه المطالب تمثل جزءًا من استراتيجية خارجية تهدف إلى إضعاف لبنان والمقاومة، وأن سلاح الحزب يرتبط مباشرة بحماية السيادة الوطنية والدفاع عن الأرض والهوية. كما انتقد قاسم طريقة إدارة الدولة لبعض الملفات، محذرًا من الانشغال بالقضايا الشكلية على حساب معالجة الفساد ومواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية الداخلية.
هكذا استخدم الخطاب الرمزية الدينية لتعزيز الرابط بين المقاومة والهوية الوطنية، ما يتيح للحزب تثبيت قاعدة جماهيرية واسعة، ويزيد من تعقيد أي محاولة لتغيير المعادلة الداخلية المتعلقة بالسلاح. بهذا، يوضح الخطاب التحديات المستقبلية أمام الدولة اللبنانية ويمثل مؤشرًا على استراتيجية حزب الله في موازنة الضغوط الداخلية والخارجية.
١- النقاط الرئيسية في خطاب قاسم
أ- رفض قاطع لنزع السلاح:
قاسم جدد موقف الحزب الرافض لأي إطار يفضي إلى نزع السلاح أو “استسلام” أمام إسرائيل أو الولايات المتحدة، واعتبر ذلك مطلباً أميركياً‑إسرائيلياً يهدف إلى إضعاف لبنان وطمأنه سيادة المقاومة.
ب- ربط السلاح بوجود لبنان:
الخطاب عزز الرواية التي تقول إن الأسلحة والمقاومة جزء لا يتجزأ من “معادلة وجود لبنان”، وأن المساس بها يمثل تهديداً وجودياً لا للبنان فحسب بل للقدرة على المواجهة والدفاع.
ج- نقد للدولة اللبنانية والطبقة السياسية:
قاسم دعا الدولة إلى إعادة النظر في نهجها السياسي ووقف التنازلات، منتقداً تركيز السلطة على ملف السلاح بدلاً من معالجة الفساد، ضعف الإدارة، والسيادة الوطنية.
د- توظيف رمزية الاحتفال الديني:
بالتزامن مع المناسبة الدينية، استخدم قاسم خطابَه لربط الهوية الاجتماعية والدينية بالمقاومة السياسية والعسكرية للحزب، مما يعزز القاعدة الشعبية الداخلية ويجعل خطاب الحزب أقل تقنية وأكثر ارتباطاً بالقيم لدى الجمهور المؤيد.
٢- التقدير السياسي والاستراتيجي:
أ- صون موقع الحزب وتحشيد القاعدة:
اذ جاء الخطاب عاكسا محاولة حزب الله لـ:
– ترسيخ روايته بأن سلاحه ليس خياراً بل ضرورة دفاعية.
– إعادة هيكلة النقاش العام حول الأمن والهوية في لبنان بعيداً عن الإطار الحكومي أو الدولي.
– تحفيز قواعده الشعبية قبل أي مفاوضات أو ضغوط سياسية داخلية وخارجية.
ب- مواجهة الضغوط الدولية:
حيث أعاد الامين العام تأكيد موقف الحزب في مواجهة الضغوط الأميركية والإسرائيلية عبر:
– ربط السلاح بسيادة لبنان حتى لو كانت تلك السيادة مطروحة في سياق الدولة.
– عرض السلاح كحاجز منع حرب أو احتلال جديد. هذا يعكس استراتيجية الحزب في اللمس من نقاط الحساسية الوطنية داخل لبنان لتعزيز موقفه أمام المجتمع الدولي.
ج- التأثير على المشهد اللبناني الداخلي:
1. تصعيد الخطاب السياسي الداخلي: الخطاب يضاعف الانقسام بين حزب الله وبقية القوى السياسية حول مفهوم حصر السلاح، ما يعرّض الدولة اللبنانية لـ ضغط شرس في إدارة ملف الأمن.
2. موقع الدولة مقابل المقاومة: نبرة قاسم تزيد من صعوبة حلقة التوازن بين صوت الدولة ــ الذي يسعى لسيادة كاملة ــ و“حجج المقاومة” التي ترى في أي تنازل مساساً بالأمن القومي.
٣- الاستنتاج الاستراتيجي:
– الخطاب كان رسالة مزدوجة:
أ- داخلية: تثبيت رواية “السلاح جزء من السيادة والحماية”، وتغذية القاعدة الشعبية.
ب- خارجيـة: تحدٍ مباشر لمحاولات الربط بين نزع السلاح والعلاقات الاقتصادية أو الدولية، خصوصاً مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
٤- التقدير النهائي:
الخطاب يعكس استمرار حزب الله في سياسة المراوحة بين التحدّي والتكتيك السياسي. رغم الضغوط المتزايدة لدمجه في المشروع الوطني اللبناني، يبقى الحزب يتمسك بموقفه الصارم كجزء من خط دفاعه الاستراتيجي، ما يجعل أي تسوية حول ملف السلاح أمراً بالغ التعقيد على المدى القصير.




