ميشال نصر
كل الانظار متجهة الى فرنسا، التي تشهد تظاهرة “دولية” عشية الرسالة الاميركية القاسية التي تلقاها الرئيس ايمانويل ماكرون باسقاط حكومته بضربة قاضية – هي الاولى التي تشهدها الحياة السياسية الفرنسية منذ عام 1962، والتي ستكون لها تداعيات كبيرة على وضع “الام الحنون” سواء في الداخل او الخارج – بمناسبة اعادة افتتاح كاتدرائية “نوتردام”، مع ما تحمله من رمزية كاثوليكية في اوروبا.
ولعل الغالب في المشهد، هو حضور الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي اراد من اول اطلالة خارجية، ان تحمل شكرا للوبي الكاثوليكي الذي أدى دورا اساسيا في فوزه بالرئاسة، مع ما يحمله ذلك من معان، هذا فضلا عن قراره بايصال رسائل مباشرة لفرنسا – ماكرون تمتد من الصراع الاوروبي – الروسي وساحته الاوكرانية، الى الشرق الاوسط والدور الفرنسي “المريب”، خصوصا على الساحة اللبنانية.
وفي هذا الاطار، يكشف احد المقربين في فريق ترامب، الى انه اتخذ شخصيا قرار السفر الى فرنسا، بعدما كان ارسل كبير مستشاريه للشؤون العربية والشرق اوسطية اليها، حاملا رسائل واضحة ومستعجلة حول الملف اللبناني، طابعها رئاسي بالدرجة الاولى، حيث كان بولس قد ابلغ خلية الايليزيه بضرورة تخفيف الاندفاعة اللبنانية، متحدثا عن “فيتوات” تتناول بعض الاسماء، معتبرا ان ملف الرئاسة معلق الى ما بعد وصول ترامب الى البيت الابيض، موحيا بان خلاف ذلك سيشكل تحديا لسياسة واشنطن، لن تسكت عنه.
وتتابع المصادر بان اتصالات تجري لتأمين لقاء بين الفريق الاميركي المرافق لترامب والبطريرك الماروني، في ظل صعوبة عقد اجتماع بين الرئيس والبطريرك، لبحث الملف اللبناني بكل جوانبه، والتأكيد على الثوابت الاميركية الجديدة، والتي بمقدمتها عدم القبول بفرض اي رئيس يمثل “كسرا” لاي من الاطراف المسيحية الاساسية، والاهم شرح موقف الادارة الاميركية من جلسة التاسع من كانون الثاني، والتي تصب في المصلحة المسيحية، فواشنطن تريد انجاز فريق حكم في لبنان سياسي – امني – اقتصادي – قضائي متجانس، قادر على انجاز التغيير المطلوب في لبنان والذي تأخر سنوات.
وفي هذا الاطار، تؤكد اوساط سياسية لبنانية، ان ماكرون يسعى الى اعادة اصلاح العلاقة مع المسيحيين في لبنان، في ظل الاضرار التي لحقت بالتحالف التاريخي بين الطرفين، على خلفية ادارة الام الحنون للملف اللبناني خلال السنوات الخمس الاخيرة، والتي خرجت مواقف الانتقاد المتبادلة الى العلن بخصوصها.
ورأت المصادر ان الموقف الاميركي الذي شكل مفاجأة للبعض، لم يكن غريبا عن الجهات التي زارت واشنطن بعيد انتخاب الرئيس بايدن، والتي سمعت كلاما واضحا في هذا الخصوص، وهو ما انعكس على الحركة السياسية الرئاسية في بيروت، حيث من تداعياته جاء تأجيل الاجتماع بين “بيك” المختارة و “حكيم” معراب، وكذلك تغيير مسار لقاء نواب المعارضة في مقر “القوات اللبنانية”، التي شهدت كواليسه اتفاقا على الذهاب الى جلسة التاسع من كانون الثاني بجهاد ازعور مرشحا، في مواجهة مرشح المحور سليمان فرنجية، التي اعاد الثنائي الشيعي تأكيد الاصرار على خوض معركته الرئاسية.
وعليه، تؤكد الاوساط ان لبنان دخل مرحلة من الغموض البناء رغم سوداوية المشهد، حيث بات الناظم للحركة اللبنانية من اليوم وصاعدا اتفاق الترتيبات الامنية بين لبنان والعدو الاسرائيلي.