غير مصنف

تحليل لموقف رئيس الحكومة الجديد من حزب الله

خاص – بيروت بوست

في مقابلة حديثة مع قناة “الميادين”، بدا رئيس الحكومة نواف سلام وكأنه يعيد رسم حدود موقفه من حزب الله، بأسلوب أكثر توازنًا وواقعية، يراعي التعقيدات السياسية الداخلية والضغوط الإقليمية والدولية. تحليل تصريحات سلام يظهر أن هناك تكييفًا استراتيجيًا للخطاب وليس تغييرًا جوهريًا في الموقف.

ثبات المبدأ

واضح ان الرئيس سلام لم يتراجع عن موقفه الأساسي: السيادة الوطنية تقتضي حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. هذه النقطة تشكل العمود الفقري لخطابه منذ توليه الحكومة، وهي متسقة مع الدستور اللبناني واتفاق الطائف. ومن منظور استراتيجي، سلام يرى أن أي دولة لا يمكن أن تعمل بشكل مستقر إذا تواجد “جيشان” متوازيان على الأرض، في إشارة واضحة إلى الجيش الرسمي مقابل السلاح غير الشرعي الذي يمتلكه حزب الله.

خطوة تكتيكية

غير ان ما يميز لهجة المقابلة الأخيرة هو الإقرار الصريح بدور حزب الله في تحرير الجنوب اللبناني. هذه الصياغة لم تكن موجودة بنفس الوضوح في تصريحاته السابقة، وتشكل رسالة سياسية مزدوجة: داخليًا تهدف إلى تهدئة الحزب وحلفائه، وخارجيًا لإظهار فهم الحكومة للواقع على الأرض.
الأوساط السياسية ترى أن هذا الاعتراف يمثل تكتيكًا استراتيجيًا لتجنب مواجهة مباشرة، مع الإبقاء على الموقف من السلاح غير الشرعي دون تغيير.

الرسائل المزدوجة:

سعى رئيس الحكومة من خلال هذا التوازن في الخطاب إلى إرسال رسائل مزدوجة:

  • داخليًا: يظهر احترامه لدور حزب الله التاريخي والميداني، مع التأكيد على ضرورة التقيّد بالشرعية والدولة.
  • خارجيًا: يبرز التزام لبنان بالقوانين الدولية، وخصوصًا القرار 1701، وكذلك مبادرة السلام العربية، ما يعزز صورة الحكومة اللبنانية كممثل شرعي وموثوق أمام المجتمع الدولي.

التكييف الاستراتيجي للخطاب

يشير تحليل المتابعين السياسيين إلى أن سلام لم يبدل موقفه من حيث المبادئ، لكنه قام بـ:

  1. تكييف أسلوب الخطاب ليكون أكثر مرونة ويعكس الواقع الفعلي للقوة على الأرض.
  2. دمج الاعتراف بالدور العسكري للحزب في سياق سياسي لتخفيف الاحتكاك الداخلي.
  3. تعزيز الشرعية الدولية والتزام الدولة بالقوانين لتقوية موقف الحكومة في المحافل الإقليمية والدولية.

إدارة الواقع السياسي المعقد

يدرك الرئيس سلام أن مواجهة مباشرة مع حزب الله قد تؤدي إلى أزمة أمنية وسياسية، لذلك اختار خطاب الاعتراف والتمسك بالمبدأ معًا. هذا يعكس رؤية استراتيجية تقوم على الإصلاح التدريجي وإعادة بناء الدولة دون الانزلاق في مواجهة مفتوحة، ويضع الأساس لأي خطوات مستقبلية نحو توحيد القرار العسكري تحت سلطة الدولة.

من هنا، تكشف مقابلة الرئيس نواف سلام الأخيرة عن تطور واضح في أسلوب الخطاب تجاه حزب الله:

  • موقفه الأساسي لم يتغير: حصر السلاح بيد الدولة وإعادة الدولة إلى مركزية القرار.
  • أسلوبه أصبح أكثر توازنًا وواقعية، مع الاعتراف بالدور التاريخي والميداني لحزب الله.
  • رسائله مزدوجة، تهدف إلى تهدئة الداخل واسترضاء الأطراف الدولية في الوقت نفسه.

باختصار، يمثل خطاب سلام تكييفًا استراتيجيًا للموقف وليس تبديلًا جذريًا له، ويعكس فهمًا دقيقًا لتعقيدات الواقع اللبناني، مع محاولة إعادة الدولة إلى مركزية القرار والسيادة بطريقة تدريجية وآمنة على الصعيد الداخلي والإقليمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى