سياسةأمن وقضاءإقليميخاصدولينزاعات وصراعات

تحليل سياسي – استراتيجي لكلمة أمين العام حزب الله في  افتتاح “سوق أرضي”

خاص بيروت بوست

ألقى امين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أثناء افتتاح معرض “سوق أرضي” في الضاحية، كلمة ثمّن فيها موقف رئيس الجمهورية جوزيف عون واعتبره “قابلاً للبناء عليه” لدعم الجيش في التصدي لما وصفه “التوغّل الإسرائيلي”، داعيا الحكومة إلى وضع خطة ملموسة لدعم المؤسسة العسكرية، مكرّرا الخطوط الإيديولوجية المعهودة: رفض التنازل عن السلاح، اعتبار تحرير الأرض عنواناً أول، واتهام الولايات المتحدة بالانحياز لإسرائيل وتبرير الاعتداءات الإسرائيلية.

قراءة سياقية واستراتيجية:

  1. الهدف الداخلي (التثبيت السياسي): كلام قاسم يستهدف تثبيت موقع حزب الله داخلياً كجزء من المنظومة الوطنية “لاستثمار الموقف الرسمي”، بمعنى احتضان موقف رئيس الجمهورية ليقدم الحزب نفسه كعضو في “المشهد الواحد” وليس جهة مغايرة للدولة، بينما يظل يحتفظ بامتيازاته الميدانية. هذا يخفف من وقع الاتهامات الداخلية التي تصوّره خارج سلطة القرار الرسمي ويستثمر وحدة الخطاب ضد ما يسميه العدوان.
  2. الهدف العسكري – التفاوضي: الدعوة إلى “خطة لدعم الجيش” تكشف عن مناورتين متوازيتين: أولاً، إقناع جمهور داخلي وسياسي بأن المقاومة لا تتصرف بمعزل عن الدولة؛ ثانياً، وضع ورقة تفاوضية أمام الفاعلين الدوليين والمحليين: “نحن ندعم الجيش لكن لا نقبل بتجريدنا”، أي: مساومة ضمنية على أي ترتيبات أمنية أو حدودية مستقبلية. هذا يترك هامشاً لرفض أي “اتفاق جديد” يُساءَل بأنه يُعطي “إسرائيل تبرئة” كما قال.
  3. الرسالة إلى المجتمع الدولي، خصوصاً واشنطن: اتهام الولايات المتحدة بأنها “راعية للعدوان” و”مبررة للاعتداءات” يهدف لشرعنة السرد المقاوم أمام قواعد الحزب والجمهور الإقليمي، ويُشير إلى أن أي وساطة أميركية لن تُعتبر حيادية في نظر حزب الله. هذا يقلّص فرص الثقة بوساطات أميركية مستقبلية ويعطل، عمدًا أو لا، أي مبادرة دولية قد تسعى لقياس الثقة بين القوى اللبنانية.

الانعكاسات على الوضع الداخلي:

  • سياسياً: الخطاب يعزز الاستقطاب الداخلي بين مَن يرى في موقف عون فرصة للتقارب الوطني ومَن يعتبره تغاضٍ أو غطاء لسياسات حزب الله؛ لذلك قد يرتفع منسوب الاحتكام السياسي والاعلامي.
  • أمنياً: دعوة دعم الجيش قد تترجم عملياً إلى مزيد من التمويل أو تسليح محدود عبر قنوات حكومية أو دولية، لكن أي تحسّن ملموس يبقى مرهوناً بالتوازنات الإقليمية والضغوط الدولية.
  • تفاوضياً: رفض “اتفاق جديد” يفتح الباب أمام مزيد من المواجهات المتقطعة إن استمرّ التصعيد الحدودي، لأن شروط الحفظ تُختلف بين الأطراف.

يعتبر كلام الشيخ قاسم مزيج من تثبيت الموقع الداخلي، مراعاة أوراق تفاوضية مستقبلية، وإرسال رسائل إقليمية ودولية. إنما فعلياً، تأثيره سيتحدد بمدى قدرة الحكومة والجيش على ترجمة “دعم” شكلي إلى خطوات عملية تقلّل من مخاطر التصعيد وتوفر حدّاً أدنى من الثقة بين الأطراف اللبنانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى