خاصإقليميدولينزاعات وصراعات

تحليل استراتيجي لخطاب الرئيس دونالد ترامب أمام الكنيست

خاص – بيروت بوست

فيما يلي تحليل متكامل يربط بين مضمون خطاب،الرئيس الاميركي دونالد ترامب امام الكنيست، أهدافه الاستراتيجية، الجماهير المستهدَفة، الآثار الإقليمية المباشرة والمتوسطة، ومؤشرات النجاح أو الفشل.

١- الأهداف الاستراتيجية من الخطاب:

أ- دبلوماسياً: تأكيد نجاح وسيطرة واشنطن كوسيط قادر على إنتاج نتائج ملموسة (رهائن/وقف إطلاق نار)، وبناء ظرف تفاوضي إقليمي جديد يفتح مسارات للتسويات الجزئية.

ب- سياسياً داخلياً: استثمار النجاح لتحسين موقف الإدارة أميركياً ودوليًا، خصوصاً أمام جمهور مؤيد لسياسات “الإنجازات السريعة”.

ج- استراتيجياً إقليميّاً: خلق إطار يسمح بتوسيع “اتفاقات إقليمية” (بصيغة توسيع لاتفاقات شبيهة بـAbraham Accords) دون انتظار حلول شاملة للقضية الفلسطينية.

٢- الرسائل الرئيسة والنبرة الخطابية:

أ- التكريم والاحتفاء: تكامل بين شكرٍ لإسرائيل وصياغة رواية بطولية عن تدخل أميركي أنقذ وضعاً مأساوياً. هذا يولّد زخمٍ معنوي داخلي في إسرائيل ويمنح ترامب «ورقة نجاح» دبلوماسياً.

ب- الانتقال من حرب إلى إدارة ما بعد الحرب: الخطاب يؤكد أن المرحلة القتالية انتهت وأن الأولوية الآن لإدارة نتائجها، أمنياً، إنسانياً، وسياسياً، مع واشنطن في المركز.

ج- النبرة الصفوية/العملياتية: مزج لغة القوة («لن نكون سياسيين مفرطين في الصوابية عندما نحارب») مع نبرة مسوّدة عن «السلام العملي»، ما يخول الإدارة تقديم نفسها كقادرة على استخدام القوة ثم تحويلها إلى ترتيبات سلمية.

٣- الجماهير المستهدَفة:

أ- الجمهور الإسرائيلي: تعزيز الإحساس بالأمن والامتنان لواشنطن، وتقديم دفعة سياسية للحكومة الإسرائيلية.

ب- القاعدة الداخلية الأميركية: استعرض إنجازاً يمكن تسويقه سياسياً.

ج- الدول العربية والإقليمية: دعوة ضمنية للمشاركة في ترتيب ما بعد الحرب، سواء في إطار إعادة إعمار أو إجراءات أمنية، مع إبقاء الخيارات مفتوحة أمام دول الخليج ومصر للانخراط.

د- الفاعلون غير الدوليين (حماس، حزب الله، إيران): رسالة تحذيرية مفادها أن الولايات المتحدة قادرة على تصميم ترتيبات أمنية جديدة، لكن دون إغفال الحاجة إلى إدارة المخاطر والحد من تصعيدات جديدة.

٤- أدوات السياسة المعلن عنها وغير المعلنة:

أ- معلنة: وساطة أميركية أدت إلى إعادة رهائن ووقف قتالي، ودعوة لتوسيع التسويات الإقليمية.

ب- ضمنية/عملية: استخدام الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية لفرض ترتيبات مرحلية، عرض حوافز لإسرائيل ودول الجوار لقبول حلول تقنية (ممرات إنسانية، آليات مراقبة، تحالفات اقتصادية).

٥- الآثار التكتيكية والمتوسطة الأمد:

أ- تكتيكياً: فتح “نافذة تفاوضية” إقليمية قد تشمل ملفات حدودية ومراقبة ومنع إعادة التسلّح في مناطق حساسة، وتعزيز تموضع أميركي نشط في ملف غزة وما بعده.

ب- متوسّط الأمد: احتمالية تمدّد إطار “تسويات جزئية” ليطال ملفات أخرى (مثل ترتيبات حدودية أو تعاون أمني مستقل)، مع بقاء القضية الفلسطينية الأساسية غير محلولة مما قد يولّد ضغوطاً مستقبلية.

٦- مخاطرات الخطاب والقيود العملية:

أ- مخاطر شرعنة واقع جزئي: تحويل انتصار تكتيكي إلى تسوية جزئية قد يطيل أمد القضايا الجوهرية ويغذي شعوراً بالظلم لدى الفلسطينيين، ما قد يؤدي إلى تفجّر لاحق.

ب- ردود فعل فاعليين خارجيين: إيران وحلفاؤها قد يعتبرون الخطاب تصعيداً سياسياً، هذا يخلق خطر استجابة موازية في ميدانات أخرى (اليمن، لبنان، سوريا).

ج- قابلية الاستدامة: تحقيق ترتيبات دائمة يتطلّب ضمانات داخلية في إسرائيل ولبنان والفلسطينيين؛ غياب هذه الضمانات يضعف أي إنجاز.

٧- مؤشرات قابلة للقياس لمتابعة نتائج الخطاب:

أ- توقيع أو إطلاق مبادرات اقتصادية/إعمارية متعددة الأطراف لقطاع غزة خلال 3 أشهر.

ب- ظهور آليات مراقبة دولية/منظمات أممية في نقاط الاشتباك (قوات أممية أو بعثات تقنية).

ج- مواقف تنفيذية من دول إقليمية (مصر، قطر، الإمارات، السعودية) تجاه الخطة الأميركية (مشاركة/رفض/تحفظ).

د- ردّ فعل إيران وحلفائها في المنطقة (بيانات رسمية أو تصعيدات محددة).

واضح أن خطاب دونالد ترامب أمام الكنيست في 13 تشرين الأول 2025 هو عمل دبلوماسي مدروس يستفيد من حدث إنساني وسياسي ملموس (عودة رهائن/وقف إطلاق نار) لتحويله إلى إنجاز سياسي ونقطة انطلاق لسلسلة ترتيبات إقليمية عملية.

إذ تكمن أهميته في إحداث “نافذة تفاوضية”، وشرعنة دور واشنطن كوسيط محوري، رغم ترافقه مع مخاطر تتمثل في تعميق الحلول الجزئية على حساب الحلول الجوهرية ورفع احتمالات ردود فعل إقليمية.

ان مراقبة كيفية تحويل الخطاب إلى إجراءات ملموسة (آليات مراقبة، حزم اقتصادية، مشاركة متعددة الأطراف) ستكون معيار الحكم على بقاء هذا الإنجاز أو كونه “نصر مرحلي” هشّ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى