بيروت بين الرسائل الأميركية والتوازنات الإقليمية (تقدير موقف لزيارة براك وأورتاغوس)

خاص – بيروت بوست
تأتي الزيارة المشتركة للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، ونائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، مورغان اورتاغوس، إلى بيروت، في سياق بالغ التعقيد والحساسية بالنسبة للبنان والمنطقة. هذه الزيارة، التي تُعدّ الثالثة أو الرابعة لبراك منذ شهر تموز، تكتسب أهمية خاصة بسبب تزامنها مع مساعي أميركية مكثفة لترسيخ “خارطة طريق” جديدة في لبنان، وإطلاق عملية تفاوضية أوسع نطاقًا تهدف إلى تثبيت الاستقرار على الحدود الجنوبية وإعادة صياغة المشهد الأمني والسياسي في البلاد.
١- أهداف الزيارة
يمكن تحليل أهداف الزيارة الأميركية من زوايا متعددة:
* دفع “خارطة الطريق” الأميركية: الهدف الرئيسي للزيارة هو متابعة تنفيذ “خارطة الطريق” التي اقترحها براك، والتي تهدف إلى إرساء تسوية سياسية وأمنية شاملة. تركز هذه الخارطة على عدة محاور، منها تطبيق كامل للقرار 1701، وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة (مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا)، والبحث في مستقبل سلاح “حزب الله” ضمن إطار التسوية. يُعتقد أن براك وأورتاغوس يحملان ردًا إسرائيليًا على المطالب اللبنانية في هذا الشأن، مع مساعٍ لتأمين موافقة إسرائيلية على مضمون الورقة الأميركية.
* حشد الدعم الحكومي: سعى الوفد الأميركي إلى حث الحكومة اللبنانية على تبني خطة واضحة لآلية التنفيذ، وتوفير الضمانات اللازمة لنجاحها. تأتي هذه الجهود في وقت يواجه فيه الموقف الأميركي مقاومة داخلية، خاصة من “حزب الله” الذي يرفض أي نقاش حول سلاحه ما دام “العدوان مستمرًا”.
* إدارة التنافس الإقليمي: تُعد الزيارة جزءًا من استراتيجية أميركية أوسع لإدارة النفوذ في لبنان، خاصة بعد زيارة أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني. تؤكد واشنطن من خلال هذه الزيارة أن قرار لبنان ليس حكرًا على طرف واحد، وأنها لاعب رئيسي في تحديد مسار البلاد المستقبلي.
* تثبيت دور الجيش اللبناني: يركّز الوفد الأميركي على تمكين الجيش اللبناني ليكون المرجعية الأمنية الوحيدة في البلاد، ويعد بتقديم الدعم اللازم لذلك. هذا التوجه يهدف إلى تقليص نفوذ الجماعات المسلحة وتأكيد سيادة الدولة.
٢- النتائج المحتملة
الزيارة تحمل دلالات قوية، وقد تفضي إلى عدة نتائج:
* فرصة للحل أم تهديد بالتعنت؟ الزيارة توفر فرصة للبنان لتحقيق إنجازات سياسية وأمنية مهمة، لكنها أيضًا تضع البلاد أمام مفترق طرق حرج. ففي حال عدم التوصل إلى حلول أو مواقف موحدة، قد يؤدي ذلك إلى تعزيز حالة الاستقطاب الداخلي وزيادة التوترات.
* ضغوط أميركية متزايدة: من الواضح أن واشنطن تضغط بقوة على الأطراف اللبنانية لتحقيق تقدم ملموس، وقد وصلت الزيارة بـ “موقف مشحون” بهدف إجبار الأطراف على التفاعل الجاد مع المقترح الأميركي.
* توقعات بتحسن قريب: تشيرتصريحات براك بأن “الأسابيع المقبلة ستشهد تقدمًا من شأنه تحسين حياة اللبنانيين”، إلى وجود حزمة من التسهيلات أو المساعدات التي قد تحصل عليها بيروت مقابل التزامها بالخارطة الأميركية.





