عالسطرسياسةنزاعات وصراعات

بريطانيا بعد فرنسا…. “كش برا”؟

ميشال نصر

في باريس اجتمعت الدول الصديقة للبنان، بدعوة من الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي تلى درسا اخلاقيا في اصول المساعدة الانسانية، مغرقا اللبنانيين برسائل ايجابية، “ما بطعمي خبز”، مستنسخا التجارب اللبنانية بمد اليد “للشحادة”، فيما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، “الحاطط عينه على رقم المليار”، لا زال واقفا عند محطة نيويورك بمبادرتها، التي باتت خلف الجميع باستثناء بيروت وباريس.

والى ان يتمخض “جبل باريس” عن مساعداته فعليا، (التي بالمناسبة كان يمكن الاستغناء عنه لو قررت الدول المشاركة الوفاء بالتزاماتها في المؤتمرات السابقة)، وفي انتظار استكمال التعديلات التي فرضتها عملية تسريب الوثائق الاستخباراتية من مكتب وزير الدفاع الاميركي، الى الجانب الايراني، حول الخطط الاسرائيلية لضرب طهران، في ظل اصرار تل ابيب على وقوف الاخيرة خلف استهداف منزل رئيس وزرائها، استمرت الجبهة اللبنانية على اشتعالها، سواء على الخطوط الامامية، حيث يسجل الجيش الاسرائيلي اختراقات على بعض المحاور، وصلت الى حدود الثلاث كيلومترات، وسط سياسة الارض المحروقة التي يعتمدها، من جهة، وفي الداخل مع عودة الاستهدافات اليومية المدمرة لمنطقة الضاحية الجنوبية، من جهة اخرى.

غير ان دخان القصف والغارات لم يحجب المساعي الدبلوماسية المتنقلة بين العواصم، ومحاولات اقرار وقف لاطلاق النار، يحقق لاسرائيل بالسياسة ما تريده بالعسكر، من الديمقراطيين الغارقين في انتخاباتهم والساعين الى استثمار اي انجاز فيها، الى فرنسا التي تعيش دبلوماسيتها الخيبات المتلاحقة، في ظل وضعها الداخلي المازوم، مرورا بالدول العربية التي تعيد خلط اوراقها، مركزة على الجبهة الايرانية، وسط محاولة بريطانية، يعتقد الكثيرون ان افق نجاحها صعب جدا.

مصادر دبلوماسية اكدت ان لندن حاولت القيام بمبادرة مع تل ابيب من اجل وقف النار بين لبنان واسرائيل، معتمدة على موقفها المعروف بتصنيف حزب الله منظمة ارهابية، تحفظ لها دورا على الحدود، هي المعنية كما فرنسا بالتغيير الذي سيلحق بخارطة سايكس – بيكو وفقا للشرق الاوسط الجديد الذي تسعى تل ابيب الى فرضه في المنطقة بدعم اميركي، الا انها جوبهت برفض نتانياهو القاطع لاي بحث في الطرح المقدم راهنا، مصرا على ان وقف النار لم يحن وقته بعد وان اسرائيل ستحقق بنفسها اهدافها، بعدما فشلت الامم المتحدة وقوات حفظ السلام في تطبيق القرار 1701.

ووفقا للمصادر فان المبادرة البريطانية تقوم على وقف فوري لاطلاق النار والبدء بتطبيق القرار 1701، بعد تعديل تركيبة القوات الدولية والدول المشاركة فيها، مقترحة نشر قوة بريطانية معززة تحت قيادتها، فضلا عن دعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراتها، حيث يساهم الجيش البريطاني بتدريب وتجهيز وحدات لبنانية، منتشرة على طول الحدود الشمالية والشرقية وقد نجحت في تنفيذ الكثير من مهام ضبط الحدود، رغم بعض الاصوات التي تصاعدت مشككة في الدور البريطاني.
علما ان بريطانيا كانت عرضت منذ فترة خطة تنفذ على مراحل، بهدف اقامة مراكز عسكرية “نموذجية” وابراج مراقبة في ثلاث مناطق حدودية، وفقا “لضوابط” تحفظ الجانب اللبناني عليها.

وتشير المصادر الى ان تل ابيب، لم تبدأ الحرب لتوقفها، وانها عازمة على تنفيذ خططها مهما كانت الكلفة سواء لجهة الوقت، او الكلفة البشرية والمادية عليها، معتمدة استراتيجية القضم في عملياتها العسكرية، كما العمليات العسكرية المتصاعدة على الجبهة الداخلية اللبنانية، حيث ما زال الوضع حتى الساعة في اطار المرحلة الاولى من العمليات، على ان تستكمل في غضون اسابيع، لتبدأ المرحلة الثانية بفرض حصار بحري وجوي وبري كامل على لبنان، وهو ما لم يخف النية باللجوء اليه، وزير الدفاع يؤاف غالانت، كاشفة ان الجواب المشترك الذي يسمعه الموفدون الدوليون من تل ابيب، “لا بحث في اي ترتيبات امنية على الحدود الشمالية قبل انجاز الجيش لمهمته”.

اظهر المزيد

بيروت بوست

بيروت بوست، موقع إلكتروني مستقل يَرصُد جميع الأخبار السياسية، الفنية والرياضية في لبنان والشرق الاوسط والعالم، بالإضافة إلى تحليل الأحداث المحلية والإقليمية...

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى