سياسةأمن وقضاءإقليميدوليمختاراتنزاعات وصراعاتنقطة فاصلة

براك يفضح المستور الاسرائيلي المعلوم

خاص – بيروت بوست


في خضمّ التحولات الجيوسياسية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، يتزايد حضور المقاربات الأمنية المتشددة في الخطاب السياسي الإسرائيلي، لا سيما في ما يتعلق بما يعرف “بدول الطوق” الذين يعانون من أزمات بنيوية وانقسامات داخلية.

في هذا السياق، برز كلام الموفد الاميركي الخاص الى كل من لبنان وسوريا، توم براك، والذي تحدث فيه عن نظرة تل ابيب لاتفاقية سايكس – بيكو، في تصريح يتعدى كونه مجرد رأي عابر، اذ يجسد بشكل دقيق النظرة إسرائيلية استراتيجية إلى مفهوم الحدود، والسيادة، والأمن في الإقليم، خصوصا انه ياتي بعد زيارته الى اسرائيل وبعدها الى بيروت، والتي انتهت الى “سقوط خارطة طريقه”، وفقا لنائب رئيس الحكومة، طارق متري، وتاكيد رئيسها، نواف سلام، على ان الحكومة معنية فقط بمبادئ ورقته.

مصادر دبلوماسية في بيروت، تشير الى ان ما ادلى به براك، هو خلاصات نقاشات طويلة خاضها الجانب الاميركي، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الاسراىيلي، رون ديرمر، تحديدا، حول كل من لبنان وسوريا، حيث قدم الاخير مطالعات مطولة حول الاستراتيجية الامنية الاسرائيلية القديمة – الجديدة، التي اعيد احياؤها بعد “طوفان الاقصى”، والتي لا تسمح بتقديم اي تنازلات فيما خص بيروت ودمشق.

وكشفت المصادر ان هذه النقاشات اتسمت في اكثر من نقطة بالحدة، حيث “اتهم” ديرمر براك بالانحياز للبنان، وبان “دمه حن”، وهو ما جعل زيارته الاخيرة الى تل ابيب، في طريقه الى بيروت، غير موفقة، حيث سمع كلاما كاد ان يصل حد اعتباره غير مرغوب به، لولا تدخل مورغان اورتاغوس، وتعدها بمتابعة الملف شخصيا، وهو ما حصل، اذ خلافا لما تردد عن ان براك غادر لبنان الى اسراىيل لم يكن دقيقا، اذ توجه من بيروت الى باريس ومنها الى نيويورك.

وتابعت المصادر بان ما قاله براك يختصر بوضوح المبدأ الذي اعيد العمل به وفقا للعقيدة الأمنية الإسرائيلية المطورة: حق التدخل العسكري خارج الحدود، متى اقتضت الضرورة، لحماية “أمن الإسرائيليين”، حيث لا تقوم المعادلة هنا على احترام التوازنات الجغرافية التي فرضتها اتفاقات دولية مثل سايكس – بيكو، بل على القدرة العسكرية والاستخباراتية لإسرائيل في رسم خرائط نفوذها ومجالها الحيوي بوسائل القوة لا القانون.

وما يزيد الطين بلة، وفقا للمصادر، ان الكلام، الذي سبق ان عبر عنه براك في اكثر من محطة واكثر من صيغة، يأتي في توقيت حساس، تشهد فيه سوريا حالة من التفكك، ويغرق فيه لبنان بسلسلة من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية المتراكمة، تزامنا مع تصاعد الدعوات الدولية والعربية لإعادة ترسيم معالم الاستقرار الإقليمي.

وتختم المصادر، بالقول ان إسرائيل تظهر بوضوح من خلال هذا الخطاب أنها لا تنتظر التوافقات الدولية أو الإقليمية، بل تبادر وفق رؤيتها الأحادية لمصالحها الأمنية، وهو ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مصير السيادة في الدول المحيطة بها، وحدود التدخلات الإسرائيلية المحتملة، والاهم عدم استعدادها للقبول بورقة براك، التي كان سبق لها ان ارسلت رسائل ايجابية بشانها.

في الخلاصة، إن تفكيك هذا التصريح لا يقتصر على فهم موقف فردي، بل يتطلب مقاربة استراتيجية تربط بين الرؤية الإسرائيلية التقليدية للعمق الأمني، والعقيدة العسكرية الهجومية، وبين المتغيرات الجيوسياسية التي جعلت من حدود سايكس – بيكو هدفًا معلنًا أو مستترًا لإعادة التشكل. كما يفرض هذا التصريح تحديات مباشرة على الأطراف اللبنانية والسورية، في كيفية تحصين المساحات الوطنية ومنع تآكل المفهوم السيادي تحت غطاء “الأمن الإسرائيلي”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى