أمن وقضاءإقليميدوليسياسةنزاعات وصراعات

براك وأورتاغوس في باريس… اسرائيل مش ماشية

خاص – بيروت بوست

يشهد المسرح السياسي الإقليمي تصعيداً متزايداً من قبل إسرائيل تجاه لبنان، يتجلّى في اللهجة الحادة للمسؤولين الإسرائيليين، والمواقف التي تتجاوز التحذيرات التقليدية إلى التلويح بخيارات عسكرية مباشرة في الكواليس الدولية.

هذا التصعيد لا يأتي من فراغ، بل يتزامن مع تطورات داخلية لبنانية حساسة، أبرزها الجدل حول مستقبل دور المقاومة، وقرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة. ففي حين تسعى تل أبيب إلى استغلال اللحظة اللبنانية الدقيقة لإعادة رسم قواعد الاشتباك، يبقى السؤال: هل التصعيد سياسي بحت، أم تمهيد لمواجهة محتملة تُرسم ملامحها في الكواليس؟ وهل نحن أمام بداية لتغيير قواعد الاشتباك، أم مجرد استعراض قوة؟

الإجابة على الأسئلة لن تطول، إذ تكشف مصادر دبلوماسية عن وصول كل من الموفد الأميركي إلى لبنان توم براك، على أن تتبعه المكلفة بملف لبنان في الأمم المتحدة، مورغان أورتاغوس، إلى باريس، حيث سيعقد براك سلسلة من الاجتماعات، أبرزها مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية رون ديرمر، الذي يحمل معه جواباً واضحاً، برفض تل أبيب لأي تعديل لأولويات الورقة الأميركية من جهة، وعدم استعداد إسرائيل للانسحاب حالياً من المواقع التي تحتلها، أو وقف طلعاتها الجوية والعمليات العسكرية التي تنفذها برا وجواً.

كذلك، ووفقاً للمصادر، فإن براك سيبحث مع الجانب الفرنسي، ممثلاً بالموفد الرئاسي جان إيف لودريان، وبمشاركة أورتاغوس، ملف التجديد لقوات الطوارئ الدولية في الجنوب، وإمكان الاتفاق على صيغة تؤمن المطالب الأميركية، علماً أن الملف سيكون حاضراً على طاولة قمة “الأسكا”، خصوصاً بعد تبلغ روسيا طلباً سورياً لإعادة نشر قواتها على الحدود السورية – الإسرائيلية، وسط الحديث عن مفاوضات تحت الطاولة لإدخال قوات روسية إلى جنوب لبنان.

الهجوم الإسرائيلي السياسي يواكبه جنوباً على الأرض حركة عسكرية، ارتفعت وتيرتها خلال الأيام الأخيرة، تزامناً مع التصعيد العسكري في غزة، ومع المرحلة الحساسة التي تمرّ بها الساحة اللبنانية داخلياً، ما يدفع إلى الشك بأن تكون التحركات العسكرية عند النقاط المحتلة مجرد إجراءات تقنية أو أمنية، بل تندرج ضمن سياق أوسع من محاولات فرض وقائع ميدانية جديدة، وربما اختبار نوايا لبنان الرسمي في ظل النقاش الدائر حول “حصر السلاح بيد الدولة”، على ما يؤكد المتابعون.

ويرى المراقبون أن الخطوات الإسرائيلية تأتي في سياق تصعيد تدريجي على جبهة الجنوب، تحمل رسائل متعددة الاتجاهات. داخليًا، تعكس محاولة لطمأنة الجمهور الإسرائيلي بشأن جاهزية الجيش، خصوصًا في ظل الانقسام السياسي والعسكري الداخلي. أما خارجيًا، فهي رسالة ميدانية موجهة إلى لبنان، مفادها أن إسرائيل مستعدة لتحويل الوضع الدفاعي إلى هجومي متى دعت الحاجة.

ويضيف المراقبون أن ما يحصل لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي، خصوصًا في ظل التصعيد المتواصل في غزة، و”المواجهة المستمرة” بين إسرائيل وإيران، كما يتزامن مع مرحلة لبنانية دقيقة، أبرزها الجدل الدائر حول حصر السلاح بيد الدولة، ما يفتح تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تستغل هذا التوقيت السياسي لتثبيت أمر واقع جديد على الحدود.

في الخلاصة، فإن الخطوات الإسرائيلية بتوسيع مواقعها المحتلة في الجنوب ليست تفصيلًا تقنيًا، بل تعكس توجهًا ميدانيًا استراتيجيًا يحمل في طياته احتمالات التصعيد وتبدل قواعد اللعبة، واضعًا لبنان، الرسمي والشعبي، أمام تحدٍ جديد في مواجهة سياسة القضم الزاحف للسيادة، وسط غياب موقف دولي حازم تجاه الانتهاكات المتكررة للقرارات الأممية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى