الـ “Menu” لبناني … الطبخة فرنساوية … و”الشوشطة” أميركية
“خلصت مسرحية” الجولة الأولى من الضربات االمباشرة بين إسرائيل وإيران، مع رد تل أبيب الذي جاء أقل من هجوم وأكثر من رسالة، التزامًا بشروط اللعبة التي وضعتها واشنطن للطرفين، فوفقًا للمثل اللبناني “خمّنا الباشا باشا، أتاري الباشا زلمه”. أما الضربات “النازلة عا رأس” اللبنانيين فلا ضوابط تخفف من وقعها رغم الجهود الموزعة على أكثر من محور، داخلياً وخارجياً، سياسياً رئاسيا، وأمنيا عسكرياً.
“فمهزلة” الرد الإسرائيلي، من وجهة نظر جماعة المقاومة، و”الضعيف” من جهة شريك نتانياهو المتطرف، حركت لبنان الرسمي باتجاه “الأم الحنون”، التي دخلت على خط بيروت – تل أبيب منذ اندلاع الأزمة جنوباً، علّ مساعي الإليزيه تنجح في ثني واشنطن عن “غض الطرف” عن أي “حماقة” إسرائيلية بهدف إشعال لبنان، سواء عبر حرب شاملة عبر الحدود، أو تفجير الوضع داخلياً.
إزاء هذا المشهد، قرأت مصادر سياسية، في زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى العاصمة الفرنسية للبحث عن خرم إبرة يدخل منه لفصل غزة عن الجنوب، تزامناً مع وجود قائد الجيش العماد جوزاف عون فيها للقاء “عرّاب لبنان”، “لأول مرّة بالتاريخ”، ليتبيّن أن السفرة “إجت حركة بلا بركة” أو بمعنى آخر “متل ما راح متل ما إجا”، استناداً لأمور أساسية ثلاث:
- الأول، “مش طالع بإيد” فرنسا حل ملف النزوح السوري وأعبائها اللبنانية، إذ أن الخلافات الأوروبية – الأوروبية حول واقع الهجرة غير الشرعية وسياسات اللجوء، “عا مد عينك والنظر”. فروما تقود محوراً من الدول، التي تعتبر نفسها الأكثر تضرراً من هذه المعضلة، بوصفها الوجهة النهائية للمهاجرين الغير الشرعيين، من شرقي المتوسط، غالبيتهم من السوريين والفلسطينيين، سواء عبر قبرص أو اليونان أو ليبيا. يضاف إلى ذلك، عدم رغبة واشنطن راهناً للضغط على الدول الخليجية، لتمويل عملية إعادة إعمار سوريا، وهو شرط النظام في دمشق لعودة أي نازح، بدعم من موسكو “الأكلة البيضة والتأشيرة”.
- الثاني، تأمين الدعم المادي واللوجستي للجيش اللبناني، ما لا يمكن أن يحصل إلا “بقبة باط” أميركية. فباريس التي قدمت خطة لتطبيق القرار 1701، الدور الأساس فيها للأمن الشرعي الرسمي، لاقت معارضة أميركية حازمة نسفت مسار مشروعها، على قاعدة “قلّو صاحيلك، رد وقلو واعيلك”، دون إسقاط الدخول البريطاني، بموافقة “العم سام” على الخط، عبر المساعدة التي عرضت لندن تقديمها، “للنوضرة على فلسطين المحتلة” وحمايةً لحدود “اللورد سايكس”، أسوة بتلك المنتشرة شمالاً وشرقًا.
- الثالث، متعلق بالملف الرئاسي، حيث تدرك فرنسا أن لا دور فاعل لضيفيها على هذا الصعيد. فكل مبادراتها، اصطدمت بجدار الرفض الأميركي غير المباشر، والذي ترجم منافسة قطرية – فرنسية، طروحات وأسماء وتسويات، لذلك كان اتصال ماكرون بأبو مصطفى لإبلاغه معاودة “الكيدورسيه” اتصالاته، “فعلى الوعد يا ماكرون”.
هنا كان لافتاً حضور برنار ايمييه “المشحوط” للغذاء الذي شارك فيه كل من ميقاتي وعون، كذلك السفيرة السابقة في بيروت، آن غريو، “يلي شاف البعض” فيها، محاولة للمحافظة على دور “بس يبلش الجد”.عليه فإن الزيارة بوجهيها، السياسي والعسكري، متل الساعة الواقفة “لا بتقدم ولا بتأخر” في مسار التطورات، لأن الحل والربط خرج من يد باريس، بعد انتهاء كل فترات السماح التي أعطيت لها، والمواجهة الأميركية – الفرنسية الصامتة جارية على قدم وساق، في ساحات المنطقة كلها، رغم اتفاق “الجنتلمان” الذي أبرم بين الطرفين فيا ماكرون “سعى بجوازة، وما تسعى برئاسة”.