استراتيجية الضغط تابع … بعد صور بعلبك
ميشال نصر
حط الموفدان الاميركيان في تل ابيب، في زيارة “رفع عتب” هدفها انتخابي اكثر منها تحقيق نتائج ملموسة، في ظل استطلاعات راي بينت تاييد 93% من الاسرائيليين لوصول المرشح الجمهوري الى البيت الابيض، في معركة “عالمنخار” بين دونالد ترامب وكامالا هاريس، في وقت نام فيه اللبنانيون على سيل من الاخبار والوثائق والتصريحات، المبشرة بصباح زهري، ليستيقظوا على بلاغات اخلاء جديدة، ومعلومات عن قرار اسرائيلي بتوسيع العمليات البرية.
وسط هذه “المعمعة” تصدرت بعلبك ومحيطها المشهد، بعدما شكلت صور والنبطية الحدث، فيما بقيت طريق الشام “الخاصرة الرخوة”، بعد ما شهدته خلال اليومين الماضيين من استهدافات، حملت الكثير من الدلالات والمخاوف من ان تتحول الى “نمط يومي”، مع ما قد ينتج عن ذلك من تداعيات، سواء على مستوى السلم الاهلي، بعد ردود الفعل الشعبية، والردود المضادة من جهة، او على الميدان، في حال نجح الضغط الاسرائيلي في تهديد طريق الامداد بالسلاح والبشر، من جهة ثانية.
مصادر متابعة كشفت ان الاهداف من أوامر الاخلاء في بعلبك ومحيطها،كثيرة ومتشابكة ابرزها:
-فرض ضغط سكاني داخل لبنان، لجهة المناطق التي تم النزوح باتجاهها، وثانيا، خلق بيئة ضاغطة ونقمة لدى جمهور حزب الله، علما ان مدينة بعلبك ومحيطها، تضم تنوعا طائفيا كبيرا، حيث الولاء والتأييد، لا يقتصر فقط على حزب الله. وهنا يظهر الهدف المضمر لاسرائيل في خلق احتكاكات بين اللبنانيين ربما تجرهم إلى حرب أهلية، وهو ما دفع بمحافظ المنطقة الى الطلب من الاهالي، التوجه نحو مراكز الايواء التي جهزت لهم، رغم عدم التجاوب مع تلك الدعوات حتى الساعة، وهو هدف سياسي يدخل ضمن الخطة العسكرية والإستراتيجية الاسرائيلية الموضوعة.
-احداث اكبر نسبة من التدمير، حتى في الاماكن البعيدة عن الحدود، وهو ما سيسبب ضغطا هائلا في فترة ما بعد الحرب، لجهة تامين مبالغ كبيرة من المساعدات لاعادة الاعمار، خصوصا ان تجربة مؤتمر باريس لم تكن مشجعة، كما المحاولات الجارية من قبل الاميركيين والاروبيين لاقناع دول الخليج بالدفع لم تنجح الا في حدود ضيقة.
-ضرب قواعد الامداد اللوجستي لحزب الله، حيث تنتشر مخازن السلاح والمحروقات، وفقا للتقديرات الاسرائيلية، والتي تتواجد في مناطق سهلية، فضلا عن ان تلك المنطقة شهدت عمليات اطلاق المسيرات البعيدة المدى التي اقلقت اسرائيل، ومن بينها، التي استهدفت منزل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، وكذلك قاعة الطعام في قاعدة تدريب لواء غولاني، فبعلبك الواقعة في البقاع الشمالي، العمق الأساسي لحزب الله، هي نقطة الربط بين سوريا وبيروت والجنوب.