
خاص – بيروت بوست
كشفت التطورات الميدانية خلال الايام الاخيرة، جنوبا، أن إسرائيل عادت إلى اعتماد سياسة “الإنذارات المسبقة” قبل تنفيذ ضرباتها الجوية، في ما يبدو أنه تبدّل تكتيكي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى الضغط على المدنيين وخلق بيئة من “الإرهاق الاجتماعي” داخل العمق اللبناني.
هذه المقاربة ليست إنسانية بقدر ما هي نفسية – عسكرية، إذ تسعى تل أبيب إلى تفريغ المناطق الحدودية من سكانها، وإضعاف الحاضنة الشعبية للمقاومة، من دون الدخول في حرب شاملة قد تكلفها أثماناً سياسية وعسكرية باهظة.
وبحسب تقديرات دوائر عسكرية مطلعة تحدّثت إلى “بيروت بوست”، فإن الإنذارات بالإخلاء قد تعود جزءاً من “هندسة النار” الجديدة التي ستتبعها إسرائيل، حيث يُستهدف الحيّ أو البلدة بعد تحذير رمزي، لتبرير القصف أمام الرأي العام الدولي، ولإيصال رسالة مزدوجة إلى حزب الله: “نستطيع ضربك أينما نشاء، لكننا لا نريد الحرب الآن”.
في المقابل، تشير القراءة الميدانية إلى أن استهداف المناطق الآهلة يُراد منه تعديل ميزان الردع من دون خرق قواعد الاشتباك القائمة منذ تشرين الأول الماضي. فإسرائيل تدرك أن التصعيد المفتوح قد يجرها إلى مواجهة شمالية لا تستطيع التحكم بمسارها، لكنها تستخدم القصف الانتقائي والمنهجي لإبقاء الجنوب تحت الضغط، وتحويل المدنيين إلى أداة في الصراع النفسي.
وبذلك، تتبدّى الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة كخليط من الحرب النفسية والهندسة الميدانية، هدفها ليس فقط الردع، بل إعادة رسم خريطة الوجود البشري في الجنوب تمهيداً لأي تسوية مقبلة.





