عالسطرإقليميدولينزاعات وصراعات

إتفاق غزة …. تسوية مؤقتة أم تحول إستراتيجي؟

خاص – بيروت بوست

شكل الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، برعاية أميركية – عربية، محطة مفصلية في مسار الصراع العربي – الإسرائيلي، ليس فقط لكونه أنهى حرباً مدمرة استمرت قرابة عامين، بل لأنه أعاد رسم ملامح التموضع الإقليمي ومعادلات القوة في الشرق الأوسط.

فما جرى في غزة لم يكن مجرد مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحركة حماس، بل حرباً متعددة المستويات،  شاركت في مخرجاتها، الولايات المتحدة وإيران ومصر وقطر وتركيا، وراقبتها عن كثب عواصم القرار الدولية التي تدرك أن ما بعد غزة لن يشبه ما قبلها.

وقف نار جاء هذه المرة، نتيجة توازن إرادات لا توازن قوى: إسرائيل خرجت منهكة سياسياً وعسكرياً، رغم تفوقها الناري، وحماس برزت كفاعل سياسي مفروض على طاولة التفاوض، خليجيا وأميركيا، فيما أعاد “الشارع” إحياء الوعي بالقضية الفلسطينية بوصفها قضية مركزية وليست طارئة.

أما القوى الإقليمية الكبرى، فتعاملت مع الاتفاق باعتباره مدخلاً لترتيب النظام الأمني الجديد في المنطقة، حيث تتقاطع مصالح واشنطن في منع انفجار شامل، مع رغبة طهران في تثبيت “جبهة ردع متعددة الأطراف”، من جهة، ومع مسعى القاهرة والدوحة إلى استثمار وساطتهما لتثبيت نفوذهما الإقليمي.

إنّ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لا يُقرأ كنهاية حرب، بل كبداية مرحلة سياسية دقيقة من اختبار النيات: هل هو اتفاق لوقف النار أم مقدمة لتسوية؟ هل تمهّد بنوده لمسار تفاوضي نحو حلّ دائم، أم تُستخدم كاستراحة لإعادة التموضع قبل جولة جديدة من الصراع؟

الاكيد الوحيد، ان ما أفرزته الحرب، ألغى معادلات ما بعد “اتفاقات أبراهام”، وفتح الباب أمام شرق أوسط جديد يولد من رحم غزة، تتبدل فيه موازين الردع، وتُعاد فيه صياغة معادلات الأمن، من البحر الأحمر إلى الحدود اللبنانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى