رئاسة الجمهورية ليست تفصيلا في لبنان. ولا هي مسألة ثانوية قابلة للتأجيل، حتى ولو كانت البلاد تحت الحرب.
فهل تتخيلون؟
بموجب الدستور اللبناني، رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه وفقا لاحكام الدستور. اما بموجب الميثاق، فهو التعبير السياسي عن التمسك بالوحدة الوطنية والعيش المشترك، تماما كالمناصفة الفعلية في مجلسي النواب والوزراء ووظائف الفئة الاولى، فضلا عن الزامية مراعاة مقتضيات الوفاق الوطني في مختلف الادارات وفي كل شاردة وواردة من حياتنا الوطنية.
وفي هذا السياق، سأل البطريرك الماروني اليوم: من يفاوض لوقف إطلاق النار، وباسم من، ولصالح من؟ وهي أولى صلاحيّات رئيس الجمهوريّة المغيّب قصدًا. وأكّد أنّه ما لم ينتخب المجلس النيابيّ رئيسًا للجمهوريّة، لن يتمتّع مجلس النواب والحكومة بصلاحيّاتهما، ويبقى كلّ عملهما منقوصًا وغير ميثاقيّ.
كلام لاقاه رئيس التيار الوطني الحر الذي لفت إلى ان الثنائي الشيعي يرفع اليوم شعار “لا انتخاب لرئيس جمهورية في لبنان من دون وقف إطلاق النار”. وسأل باسيل: عادة عند وضع شرط لوقف النار يكون للضغط على العدو، ولكن على من تضعون هذا الشرط؟ على لبنان واللبنانيين. وتابع باسيل: اذا لم تنته الحرب هل نبقى بلا رئيس للجمهورية؟
اما ما عدا الملف الرئاسي، فالبلاد على حالها من الموت والدمار والمواجهة، فيما يبدو ان مفاوضات وقف النار وضعت على الرف، وسط الحديث عن شروط جديدة وضعها بنيامين نتنياهو فور عودة آموس هوكستين من اسرائيل الى واشنطن.
فالأسبوع الحالي انتهى بغير ما بدأ. قبل أيام، بدا وكأن تسويةً ما، يمكن أن تحُصل، وبدا وكأن “آموس هوكستين” يمكن أن يحققَ حلَ اللحظةِ الأخيرة. لكن الأملَ تبدد، والوضعُ اليوم مختلفٌ تماماً. فأصوات التصعيد ترتفع من كل صوب، وخصوصاً من البلدين المعنيَين مباشرةً بما يحصل في لبنان: أي إسرائيل وإيران.
ففي تل أبيب أعلن زعيم حزب معسكر الدولة “بيني غانتس” أن الحكومةَ اللبنانية تُطلق يدَ حزب الله، لذلك حان الوقت للعمل ضد أصولِها. أما في طهران فقد نقلت وكالة “تسنيم” عن مستشارٍ كبير للزعيم الإيراني قولَه إن إيران تجهّز للرد على إسرائيل، فيما أعلن مستشارُ المرشدِ الإيراني علي لاريجاني أن حزبَ الله أصبح يُنتج الصواريخ بشكلٍ مستقل.
فما سبب هذا التصريح الإيراني الغريب في مضمونه وتوقيته؟ هل لتقول طهران لواشنطن إن إيران ليست مسؤولةً عن كل ما يحصل في لبنان؟ أم لتقول إيران لإسرائيل إن ضبطَها الحدودَ اللبنانية براً وبحراً وجواً لن يخلّصَها من صواريخ حزب الله؟