![أشفق على مسيحيي لبنان: دعوة إلى قيادة وتغيير عاجلين 1](https://i0.wp.com/beirutp.com/wp-content/uploads/2024/12/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
خاص بيروت بوست – واشنطن
يقف المسيحيون اللبنانيون على مفترق طرق في التاريخ، ويواجهون تحديات داخلية وخارجية لها تداعيات طويلة الأمد على بقائهم ونفوذهم في لبنان. وعلى الرغم من التغييرات الزلزالية في سوريا وتراجع نفوذ حزب الله الإقليمي، يبدو أن القادة المسيحيين في لبنان غير قادرين على فهم الديناميكيات المتطورة في المنطقة. فبدلاً من معالجة القضايا الجوهرية التي تشكّل مستقبلهم، لا يزال العديد من هؤلاء القادة غارقين في مساعيهم الأنانية لتحقيق السلطة والمكاسب الشخصية.
ولهذا الفراغ القيادي عواقب وخيمة، إذ عندما يصبح الفرد أكبر من القضية، فإن القضية والفرد محكوم عليهما بالفشل. من هنا على القيادة المسيحية أن تعيد ضبط تركيزها، وأن تعطي الأولوية للرفاهية الجماعية على الأجندات الشخصية، وأن تتبنى رؤية تتجاوز المصالح الضيقة.
وفيما يلي القضايا الملحة والإجراءات التي يجب عليهم معالجتها:
1. إعادة التأكيد على مفهوم الدولة
لقد تم تقويض مفهوم الدولة في لبنان باستمرار من قبل الجماعات التي تدعو إما إلى كيانات دون الدولة أو أيديولوجيات الدولة المتطرفة.
وتعكس مصالح الطائفة الشيعية، التي تمثلها ميليشيا حزب الله، كما مصالح الطائفة السنية، التي مثلتها تاريخيًا منظمة التحرير الفلسطينية، تركيزًا على هياكل السلطة المحلية القائمة على أساس المجتمع المحلي بدلًا من التركيز على الوحدة الوطنية.
فالقومية العربية، التي تناصرها الأحزاب البعثية والناصرية، إلى جانب الهوية الشيعية التي تروج لها ولاية الفقيه، تزيد من تآكل مفهوم الدولة اللبنانية المتماسكة.
وتؤكّد رمزية صور آية الله والجولاني في شوارع لبنان على أن كلا الفصيلين السني والشيعي يعطيان الأولوية للولاءات التي تتجاوز حدود لبنان، حيث تقوّض هذه الديناميكيات سيادة البلاد وتزيد من تهميش المسيحيين، الذين يجب أن يدافعوا عن إعادة تصوّر هيكلية الدولة من جديد.
2. إدراك عقم النظام البرلماني الحالي:
يعتبر البرلمان اللبناني هو أداة غير فعالة للتحول الوطني بسبب الولاءات الطائفية الراسخة.
فالنواب الشيعة متأثرون بعمق بأيديولوجيات ما دون الدولة المنحازة إلى حزب الله وحركة أمل، وبأيديولوجية الدولة المتشددة التي تجسدت في الثورة الإسلامية في إيران.
الى ذلك يعلق النواب السنة آمالهم على انبعاث الإسلام السياسي، لا سيما في سياق تغير ديناميكيات السلطة في سوريا، فيما لا يزال النواب المسيحيون منقسمين ومتمركزين حول أنفسهم، يفشلون في تشكيل جبهة موحدة لمواجهة التحديات الوطنية. ويجسد رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو من أشد المؤيدين للهيمنة الشيعية، عجز البرلمان عن تسهيل إحداث تغيير ذي معنى. إذ لا يمكن لهذه المؤسسة، في ظل هيكلها وقيادتها الحالية، أن تخرج لبنان من أزمته.
3. تبني التغيير الثوري
الطريق الوحيد القابل للتطبيق بالنسبة للمسيحيين اللبنانيين، هو رفض الجهود الحالية لانتخاب رئيس للجمهورية من قبل هذا البرلمان وفي ظل الديناميكيات السائدة، وقيادة “ثورة بيضاء” تعارض الوضع الراهن وتطالب بإصلاح منهجي، حيث ينبغي لهذه الحركة أن تنقل قضيتهم إلى الشارع، وأن تقوم على الركائز التالية:
– حل البرلمان: يفتقر أعضاء البرلمان الحالي الفاسدون، المتمسكون بمصالحهم الطائفية والشخصية، إلى الرؤية ويمثلون عقبة كبيرة أمام التغيير.
– تشكيل حكومة مؤقتة: يجب تكليف هيئة انتقالية بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة على أساس نظام “شخص واحد، صوت واحد”، والخروج من النظام الانتخابي السوري-الحزبي-الزبائني الذي أدى إلى تشكيل البرلمان الحالي.
– انتخاب برلمان جديد: يجب أن تعكس الهيئة التشريعية التي تم إصلاحها إرادة الشعب، متحررة من التأثيرات الخارجية.
– عقد مؤتمر وطني: يهدف مثل هذا المؤتمر إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يعكس نسيج لبنان المتنوع وتطلعاته إلى مستقبل موحد.
– الدعوة إلى نظام سياسي جديد: ينبغي أن يكون هذا النظام قادراً على تنفيذ العقد الاجتماعي الجديد وتسخيره، مع إعطاء الأولوية لمبادئ اللامركزية وسيادة القانون والاقتصادات المحلية وحوكمة الدولة والفصل بين السلطات وتوازنها.
دعوة إلى العمل
على مدى عقود، كان المسيحيون اللبنانيون تحت رحمة ديناميكيات القوى الإقليمية المتغيرة والانقسام الداخلي. واليوم، لديهم فرصة لاستعادة السيطرة على مصيرهم وإعادة تحديد دورهم في مستقبل لبنان. وللقيام بذلك، عليهم أن يتجاوزوا قبضة القادة الذين يخدمون مصالحهم الذاتية وأن يتحدوا تحت رؤية مشتركة للسيادة والاستقرار والمساواة والازدهار.
لن يكون الطريق أمامهم سهلاً. ومع ذلك، من خلال نقل قضيتهم إلى الشارع والتعبئة من أجل الإصلاح الشامل، يمكن للمسيحيين اللبنانيين أن يرسموا طريقًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
ان اللحظة الراهنة تستدعي الشجاعة والوضوح والالتزام – وهي صفات إذا ما تم التحلي بها يمكن أن تحول لبنان إلى منارة أمل وصمود في المنطقة، ليس فقط للمسيحيين، بل لجميع الطوائف اللبنانية.